للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مقتبس من قوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} [الأحزاب: ٥٣].

وأنت بهذا شاهد، على تعيين السؤال المحقق.

قال محمد: وبهذا نأخُذُ، أي: نقول ونحكم بأن النساء يحتلمن كالرجال، وهو أي: هذا القول، قولُ أبي حنيفة، وسائر العلماء.

وقال ابن عبد البر (١): في هذا الحديث دليل على أنه ليس كل النساء يحتلمن، وإلا لما أنكرت عائشة وأم سلمة ذلك. قال: وقد يوجد عدم الاحتلام في بعض الرجال، إلا أن ذلك في النساء أوجد وأكثر عكس ذلك.

قال ابن بطال (٢): فقال فيه دليل على أن كل النساء يحتلمن.

قال الحافظ (٣): والظاهر أن مراده الجواز، لا الوقوع؛ أي: فيهن قابلة ذلك.

قال السيوطي (٤): وأيُّ مانع يكون ذلك خصوصية لأزواجه - صلى الله عليه وسلم - أنهن لا يحتلمن، كما أن من خصائص الأنبياء أنهم لا يحتلمون؛ لأنه من الشيطان، فلم يسلط عليهم، وكذا على أزواجه - صلى الله عليه وسلم - تكرمًا له.

قلت: المانع من ذلك أن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وهو كغيره، ولم يثبت ذلك للأنبياء عليهم السلام بالدليل.

قال الحافظ ولي الدين العراقي: بحث بعض أصحابنا في الدرس فمنع وقوعه من أزواجه - صلى الله عليه وسلم -؛ بأنهن لا يطعن غيره لا يقظة ولا منامًا والشيطان لا يتمثل به.

وفيه نظر؛ لأنهن قد يحتلمن من غير رؤية، كما يقع لكثير من الناس، ويكون سبب ذلك شبعًا وغيره. والذي منعه بعض الفقهاء، هو وقوع الاحتلام من الأنبياء عليهم السلام، كما قاله الزرقاني (٥).


(١) انظر: التمهيد (٨/ ٣٣٣).
(٢) انظر: الفتح (١/ ٣٨٩).
(٣) انظر: الفتح (١/ ٣٨٩).
(٤) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٧١).
(٥) انظر: شرح الزرقاني (١/ ١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>