للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٥ - أخبرنا مالك، أخبرنا سُمَيٌّ: أنه سمع أبا بكر: يعني ابن عبد الرحمن يقولى: مَنْ غَدَا أو رَاحَ إلى المسجد لا يريد غَيْرَهُ، لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا أو يُعَلِّمَه، ثم رجع إلى بيته الذي خرج منه، كان كالمجاهد في سبيل الله، رجع غانمًا.

• أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد أخبرنا مالك، وفي نسخة قال: ثنا رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: قال: أخبرني، بالإِفراد، سُمَيٌّ بضم سين مهملة، وفتح ميم، وتشديد ياء، أنه، أي: سُميّا سمع أبا بكر، يعني: أي: يريد سمي بن أبي بكر بن عبد الرحمن، وهو المخزومي، اسمه كنيته، تابعي سمع: عائشة وأبا هريرة، وروى عنه الشعبي والزهري (١)، يقول: مَن غَدَا أي: ذهب في أول النهار، أو رَاحَ أي: ذهب في آخر النهار إلى المسجد أي: إلى مسجد من المساجد، وأو هنا للتنويع لا للشك، وفيه لطيف ويوسعه كما لا يخفى، وإشارة إلى تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى} الآية [طه: ١٣٠]، لا يريد غَيْرَهُ، أي: غير المسجد، وما يتعلق به من العبادة، دون غرض فاسد، وعمل كابد، بل ابتغاء لوجه ربه، لِيَتَعَلَّمَ خَيْرًا، أي: أنواع الخير من العلم والعمل والاعتكاف، والتنوين في لفظ خير للتنويع كالتنويع في علمًا في سورة النمل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} [النمل: ١٥]، أو يُعَلِّمَه، أي: خيرًا غيره، فيصير كاملًا، أو كلا كلمة "أو" هنا بمعنى الواو كما في سورة آل عمران: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} [آل عمران: ١٢٨]، وفيه إشارة إلى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يؤمن عبدٌ حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (٢)، رواه (ق ٩٩) الشيخان عن أنس، رضي الله عنه، ثم، أي: بعد التعلم والتعليم لغيره ما يحتاج إليه من أمر دينه، رجع عن المسجد إلى بيته الذي خرج منه، يحصل ما يحتاج إليه، كان أي: ذلك المدة، كالمجاهد في سبيل الله، رجع من غزاته غانمًا، أي: من الثواب وابتغاء مرضاة الله تعالى.


(٩٥) أخرجه: مالك (٣٧١).
(١) تقدم.
(٢) أخرجه: البخاري (١٣)، ومسلم (٤٥)، من حديث أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>