للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد: يكره إذا أقيمت الصلاةُ أن يصلِّي الرجلُ تَطوعًا، أي: سنة أو نافلة، غيرَ ركعتي الفجر خاصَّةً، إذ هي آكد السنن الرواتب، بل في رواية أنها واجبة، وطرح بعض أصحابنا (ق ١٠٠) بأنه لا يجوز أداؤه قعودًا بلا عذر، ولا تركها للفتى بحال؛ فإنه أي: الشأن لا بأس؛ أي: لا كراهة بأن يصليهما أي: سنتي الفجر الرجلُ، وإن وصلية أخَذَ أي: شرع المؤذنُ في الإِقامةِ، فالفاء في أنه جواب، إذا أقيمت الصلاة فلا بأس بأن يصلي الرجل سنتي الفجر، سواء شرع الإِمام في الصلاة أم لا، إذا كان يظن أنه يدرك الجماعة إذا صلاها، وإلا فليتركها بلا خلاف، وكذلك ينبغي، أي: يستحب أن يفعل، وهذا استدراك من قوله: لا بأس، فإنه غالبًا يستعمل فيما يكون خلاف الأولى، وهو أي: اللائق المستفاد من ينبغي، قولُ أبي حنيفة، رحمه الله، على أن المذهب أن من لم يدرك الفرض بجماعة - إن أدى سنتي الفجر - بتركهما ويقتدي؛ لأن ثواب الجماعة أعظم من السنة، ومن أدرك ركعة لو صلى سنته صليها عند باب المسجد، وفي موضع لا يصلي فيه أحد، فإن لم يكن ذلك فيصلي خلف الصفوف، ويبعد ما استطاع لنفي التهمة عن نفسه.

فقد روى الطحاوي (١) عن أبي الدرداء أنه كان يدخل المسجد، والناس صفوف في صلاة الفجر، فيصلي الركعتين في ناحية المسجد، ثم يدخل مع القوم في الصلاة.

وروي أيضًا عن ابن مسعود، نحوه أيضًا، فلو كان يدرك التشهد.

قال شمس الأئمة السرخسي: يدخل مع الإِمام.

وكان الفقيه أبو جعفر الطحاوي يقول: يصليها، ثم يدخل مع الإِمام عندهما، ولا يصليها عند محمد، وهي فرع اختلافهم فيمن أدرك تشهد الجمعة، ثم لا يقضي سنة الفجر إلا اتباعًا لفرضه، قبل الزوال باتفاقهم وبعده، عند بعض مشايخ ما وراء النهر.

قال محمد: يقضيها وحدها قبل الزوال.

لما روى مسلم (٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: عرسنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم


(١) انظر: شرح معاني الآثار (١/ ٣٧٥).
وروى ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه كان يفعله (٢/ ٥٧).
(٢) أخرجه: مسلم (٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>