للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن أُكَيْمَةَ (١)، بفتح الهمزة وفتح الكاف، وسكون التحتية، وفتح الميم المفتوحة، والهاء مصغر أكمة، وهي بفتح الهمزة، وكسر الكاف وتشديد الميم المفتوحة والتاء، جمع الكم، واسمه عُمارة بضم العين المهملة، وفتح المخففة الممدودة والراء المهملة بعدها الهاء. اللَّيْثِيّ، يكنى: أبا الوليد، المدني، ثقة، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة إحدى ومائة وله تسع وسبعون سنة، كما قاله ابن حجر.

عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال: "هل قرأ معي منكم أحد؟ " أي: أحد فمن زائدة للاستغراق، فقال رجل: أنا يا رسول الله، أي: قرأت والظاهر أنه قد أسر، أو لا يبعد أنه قرأ (ق ١١١) جهرًا، قال: أي: أبو هريرة، فقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني أقول أي: في سري ونفسي، مالي أي: شيء حصل لي، أنازع بصيغة المجهول، أي: أجازب القرآن بالنصب، أي: في قراءته، وهو بمعنى التثريب، واللوم لمن فعل ذلك.

قال ابن عبد البر (٢): أى: إذا جهرت بالقرآن، فإذا قرأتم ورائي فكأنما تنازعوني القرآن، الذي أقرأ، ولكن أنصتوا.

قال الباجي - من علماء المالكية -: معنى منازعتهم له - صلى الله عليه وسلم -: أن لا يفردوه بالقراءة، ويقرؤه معه من التنازع، بمعنى التجاذب، كما نقله علي القاري عن السيوطي (٣).

هذا استفهام إنكاري، حيث تلطف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في إرشاد من خلفه في الصلاة، بإيراده في معرض المناصحة لنفسه وإمحاض النصح، حيث أراد لهم بالإِنصات.

والمراد تقريعهم وتوبيخهم على ترك الإِنصات، وبالغ في تهديدهم حيث قال: "مالي"، ولم يقل: ما لكم تنازعون في قراءة القرآن معي، وهو الظاهر المتبادر، فاطلب تفصيله في قوله في سورة يس {وَمَا لِيَ لَا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: ٢٢]، فانتهى الناس أي: بقيتهم، عن القراءة، لا فيما أسر به من الصلوات حين سمعوا ذلك،


(١) انظر: التقريب (٢/ ٧٨٢).
(٢) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٥٨).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٥٨)، وتنوير الحوالك (١/ ٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>