للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• قال محمد: أخبرنا، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، رمزًا إلى حدثنا أسامة بن زيد المدنيُّ قال: حدثنا سالم بن عبد الله بن عمر قال: أي: سالم بن عبد الله: كان ابن عمر لا يقرأ خلف الإِمام، قال: أي: أسامة، فسألت القاسم بن محمد، وهو أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وقد مر ذكره عن ذلك، أي: عن القراءة خلف الإِمام، فقال: إن تركت أي: القراءة أيها المصلي، فقد تركه ناس يقتدي بهم، أي: بالناس من بعدهم في تركه، إن كان كل واحد منهم مقتديًا، وإن قرأت أي: أيها السائل خلف الإِمام، فقد قرأ ناسٌ خلف إمام، وإنما جاء بصيغة الماضي إشعارًا لتحقق وقوع هذا الأمر، كما قال الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} الآية [المؤمنون: ١]، أي: حال كون الناس يقتدى على صيغة المضارع المجهول، أي: يتبع الناس بهم (ق ١١٧) في القراءة إذا كان مأمومًا، والحال وكان القاسم ممن لا يقرأ.

وفي الكرماني: عن الشعبي: أدركتُ سبعين بدريًا؛ كلهم لا يقرؤون خلف الإِمام، كرر "ناس" منكرًا إشعارًا بأن واحدًا من كبار القوم لو فعل شيئًا غير مشروع لرآه الناس يفعلون، ثم يريهم آخرون يفعلون فيفعلون كذلك، ثم يزاد إلى يوم القيامة، وهذا مبني على أن المذكور إذا أعيد نكرة، فالثاني مغاير للأول.

كما قال تعالى: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: ٥، ٦].

وفي هذا الحديث زجر العالم زجرًا عظيمًا عن المعاصي؛ لئلا يضل الناس عن الصراط المستقيم، وأشار إلى حديث جابر رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسنة فله أجره، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإسلام سُنَّةً سيئة، كان عليه وزره، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء" (١) رواه مسلم عن جرير، كذا أورده الإِمام الصنعاني في (المشارق).

* * *


(١) أخرجه: مسلم (١٦٩١) (٤٨٣٠)، والترمذي (٢٥٩٩)، والنسائي (٢٥٠٧)، وابن ماجه (١٩٩)، وأحمد (١٨٣٦٧) (١٨٣٨١)، والدارمي (٥١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>