للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والشوق إلى لقاء الله تعالى، والأمان من شر أعدائهم، والوصول إلى مطالبهم.

روى ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هرب الغيم إلى الشرق، وسكنت الرياح، وماج البحار، وأصغى البهائم بآذانها، ورجم الشياطين، وأقسم الله بعزته وجلاله: أن لا يُذكر اسمه على شيء إلا بورك فيه.

وامتثالًا بأمره تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١]، أي: اقرأ القرآن متبدئًا باسم ربك الذي خلق، كذا في تفسير الكواشي، وخصوص السبب لا يقدح بعموم الحكم، أو موافقته للكتاب المبين، حيث قال تعالى في أول كتابه: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، أو احترازًا عن أن يكون كتابه أبتر بعدم الكتابة باسم الله الرحمن الرحيم في أول كتابه.

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمر ذي بال - أي: ذي شأن - لم يُبدأ فيه باسم الله الرحمن الرحيم فهو أبتر" (١)، وإشارة إلى بعض ما يجب عليه من حمده لرب العالمين، وإنما قلنا إشارة إلى أداء ما يجب عليه؛ لأن العبد لن يقدر على أداء جميع ما يجب عليه من العبادات التي تنبغي لذاته تعالى.

قال - صلى الله عليه وسلم -: "سبحانك لا أُحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك" (٢).

وقالت الملائكة: "ما عبدناك حق عبادتك" (٣)، أي: إظهارًا بكمال عجزهم عن عبادة ربهم بالوجه الأليق لذاته تعالى، فلهذا لا يقال: إن الإِمام محمد جعل كتابه أقطع بترك الحمد في ابتداء كتابه.


(١) أخرجه: ابن ماجه (١٨٩٤)، وأحمد (٨٤٩٥)، والنسائي في الكبرى (١٠٣٢٨)، وابن حبان (١، ٢)، وابن أبي شيبة (٦/ ٢٦٣)، والبيهقي في الكبرى (٥٨٦٣)، والشعب (٤٢٧٢)، وهو ضعيف.
(٢) أخرجه: مسلم (٤٨٦).
(٣) أخرجه: الحاكم (٨٧٣٩)، والطبراني فى الكبير (١٧٥١) , والأوسط (٣٥٦٨)، والبيهقي في الشعب (١٦٦)، وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.

<<  <  ج: ص:  >  >>