قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "كل أمر ذي بال لم يُبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع"(١)، فإن من قال: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فقد حمد الله تعالى؛ لأن حقيقة الحمد إظهار الصفات الكمالية لا خصوص كتابة الحمد في أول كتابه.
قال محمود حسن في حاشية الجلال من علم الكلام: وفي بسم الله الرحمن إظهار الصفات الكمالية .. انتهى.
ويمكن أن يُجاب عن ترك المصنف بالحمد في أول كتابه بأنه إنما تركه إشارة إلى مذهبه الشريف ومذهب أبي حنيفة رحمه الله بأن بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، آية مستقلة نزلت للفصل بين السورتين من سور القرآن، وليست جزء من سورة الفاتحة خلافًا للشافعي، فإنها آية من الفاتحة، فتكون حينئذٍ ثمان آيات عند الشافعي.
وفي بسم الله الرحمن أسرار منها:
قال عبد الرحمن جلال الدين السيوطي في (إتقان القرآن): أول ما نزل به جبريل عليه السلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يا محمد، استعذ بالله ثم قل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وقال فيه: أول آية نزلت من اللوح المحفوظ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
وقال السيوطي في (الأوليات): أول من تكلم بهذه الكلمات حملة العرش، حيث أمروا بحمله ولا يزالون يقولون تلك إلى يوم القيامة - وهي هذه الكلمة - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، حسبي الله، توكلت على الله، اعتصمتُ بالله، فوضتُ أمري إلى الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله من أكثر من قراءة هذه الكلمات شفي من كل سقم، وفرج من كل كربة، ونصر على كل عدو، كما أخرجه اليافعي في (روضة الرياحين).
فإن قلت: لم كانت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ تسعة عشر حرفًا؟ ولم كان الأذان تسعة عشر حرفًا كلمة؟ الجواب: الله أعلم؛ لأن الله عز وجل خلق رؤساء