للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سورة محمد: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩]، في الفريضة في الركعتين الأوليين، أي: مطلقًا سواء يكون بعدهما ركعتين أو لا بفاتحة الكتاب، أي: فحسب، وكفا في ثالثة المغرب، وَإنْ لمْ تقْرَأ فيهِمَا، أي: في الأخْرَيَيْن، وكذا في الآخرة في المغرب: أجْزأك، أي: كفاك وجاز لك حيث قرأت في الأوليين، وخرجت عن عهدة الفرض والواجب، وإن سَبّحْت فيهما، أي: في الأخريين، بدل الفاتحة، أجْزَأك، وهو أفضل من السكوت، وهو قولُ أبي حنيفة، رحمه الله تعالى.

وبه قال النخعي والثوري، وسائر الكوفيين، والدليل على ذلك ما رواه الشيخان عن أبي قتادة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورتين، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ويسمي الآية أحيانًا (١).

وروى ابن أبي شيبة عن شريك، عن أبي إسحاق السبيعي، عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا: اقرأ في الأوليين وسبح في الأخريين (٢)، ومثل هذا لا يقال من قبل الرأي، فالحديث موقوف ظاهرًا ومرفوع حكمًا، ثم التسبيح ليس بفرض إجماعًا، فإذا سكت جاز.

(ق ١٢٥) وروى الحسن أي: حسن بن زياد، عن أبي حنيفة: أن القراءة فيهما بعد الأوليين واجبة، وينبغي أن يكون العمل بهما، وفي (المحيط): لو سكت المصلي عمدًا يكون مسيئًا؛ لمخالفة السنة.

ثم اعلم أن قراءة آية في كل ركعة، سواء كانت طويلة أو قصيرة؛ لقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: ٢٠].

ولقوله - صلى الله عليه وسلم - للمسيء صلاته: "اقرأ ما تيسر من القرآن" (٣) فلو قرأ في ركعتين من الفرض بأي ركعتين كان لا تفسد.


(١) تقدم.
(٢) رواه ابن أبي شيبة (١/ ٣٢٧)، قال الزيلعي: فيه انقطاع وهو عن عائشة غريب.
(٣) أخرجه: البخاري (٧٥٧) (٧٩٣)، ومسلم (٣٩٧)، وأبو داود (٨٥٦)، والترمذي (٣٠٢)، والنسائي (٨٨٤)، وابن ماجه (١٠٦٠)، وأحمد (٩٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>