للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان موسى داعيًا، وهارون مؤمِّنًا، رواه ابن مردويه من حديث أنس، ورد بعدم الملازمة، فلا يلزم من تسمية المؤمن داعيًا عكسه، قاله ابن عبد البر، والحديث الذي رواه ابن مردويه لا يصح، ولو صح فكون هارون داعيًا تغليب (١).

ويصح من رواية ابن خزيمة في صحيحه؛ من رواية زربى مولى آل المهلب عن أنس رضي الله عنه قال: كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - جلوسًا فقال: "إن الله أعطاني خصالًا ثلاثة: أعطاني صلاة في الصفوف، وأعطاني التحية؛ إنها تحية أهل الجنة، وأعطاني التأمين، ولم يعطه أحدًا من النبيين قبيلي، إلا أن يكون الله أعطاها هارون، يدعو موسى ويؤمن هارون" (٢)، كذا في (الترغيب والترهيب) للمنذري، فإنه أي: الشأن من وافق تأمينُه أي: قوله: آمين تأمينَ الملائكة أي: قولهم: آمين، كما أخرج مالك عن سُميّ، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبي صالح السماك، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم، ولا الضالين، فقولوا: آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه" (٣).

وقيل: المراد الموافقة في الإِخلاص والخشوع.

كابن حبان: فإنه لما ذكر الحديث، قال: يريد موافقة الملائكة في الإِخلاص بغير إعجاب (٤)، وكذا احتيج فيه غيره، فقال: ونحو ذلك من الصفات المحمودة أو في إجابة الدعاء، وفي الدعاء في الطاعة، أو المراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين.

ذكر محمد الضبي، قال: سمعتُ محمد بن سماعة، يقول: أقمتُ أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى في الصلاة؛ إلا يومًا واحدًا ماتت فيه أمي، ففاتني صلاة في جماعة، فقمتُ وصليت خمسًا وعشرين صلاة، أريد بذلك التضعيف، فغلبتني عيناي فنمت، فقيل لي في النوم: قد صليت، ولكن كيف لك بتأمين الملائكة.


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٢٦٠).
(٢) أخرجه: ابن خزيمة (١٥٨٦)، والحارث (١٥٢)، (١٧٢).
(٣) أخرجه: البخاري (٧٤٩).
(٤) أخرجه: ابن حبان (٥/ ١٠٦) حديث (١٨٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>