للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من النار"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقول تعالى: هل رأوها؟، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولون: لا - والله - يا رب ما رأوها"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقول تعالى: فكيف لو رأوها؟ "، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا، وأشد لها مخافة، قالوا: ويستغفرونك"، قال - صلى الله عليه وسلم -: "فيقول الله تعالى: أشهدكم أني قد غفرتُ لهم، وأعطيتهم ما سألوا، وأجرتهم مما استجاروا"، أي: أمنتهم مما يخافون، قال - صلى الله عليه وسلم -: "يقول: أي ملك من الملائكة رب فيهم فلان ليس منهم، إنما جاء لحاجة"، وفي رواية: "يقولون: يا رب فيهم عبد خطاء - أي كثير الخطأ - إنما مر بهم فجلس معهم، فيقول تعالى له غفرت، وهم - أي: الذاكرون - القوم لا يشقى بهم جليسهم"، أي: لا يُحرم من الثواب، بل يصب من بركتهم نصيبًا. قاله البغوي في باب الذكر من (المصابيح).

غُفِرَ له ما تقدّمَ من ذنبه،، وفي رواية: "وما تأخر"، أي: من الصغائر، ويرجى الكبائر، فمن بيانية لا تبعيضية.

وقال سعيد بن زيد الباجي، المالكي: ظاهره غفران جميع ذنوبه المتقدمة، من الصغائر والكبائر، فإذا كانت الفرائض لا تكفرها، فأولى التأمين المستحب، وأجيب بأن المكفر ليس التأمين، الذي هو فعل المؤمن بل وفاق الملائكة، وليس ذلك إلى صنعه، بل فضل من الله والذي يظهر لي والمراد بالكبائر - فيما ثبت من الحديث - أكبر الكبائر وهو الكفر، وفيه مضاف محذوف.

قال الله تعالى في سورة النساء: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، أو المراد بالكبائر المطلقة، والمطلق ينصرف إلى الكمال، والكامل هو الكفر.

فإن قيل: المغفرة في الآية مقرونة بالتوبة عند بعض المعتزلة، ولم يتب أجيب عنه بأن المراد بالتوبة الرجوع (ق ١٢٩) عن ما كره الله، إلى مرضاة الله تعالى؛ فإن المأموم لو لم يتب لما قال آمين حين يقول الإِمام: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}

قال: أي: مالك، كما في نسخة، فقال ابن شهاب؛ أي: محمد بن مسلم بن عبيد

<<  <  ج: ص:  >  >>