للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التابعين المحدثين من أهل الكوفة، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، عن عبد الله بن مسعود، رضي الله عنه، أنه قال: كنا إذا صلينا خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قلنا: السلامُ على الله، وفي بعض الروايات زيادة: السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ق ١٤٤) صلاته، أي: أداها وفرغ عنها ذات يوم، أي: يوم من الأيام، ثم أقبل علينا فقال: لا تقولوا السلام على الله، أي: من عباده كما في رواية حيث يوهم أنه - سبحانه وتعالى - محتاج إلى الدعاء بالسلام من جانب الأنام؛ فإن الله عزَّ وجل هو السلام، أي: بذاته ومنه السلام لمخلوقاته.

كما ورد: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، والنهي نهي تنزيه، ولكن قولوا: أمر وجوب التحيَّات أي: أنواع التعظيم لله، أي: مختص به تعالى، والصَّلوات أي: العبادات الفعلية مطلقًا، أو الصلوات الخمس، والراحة الكاملة، والدعوات كلها، والطَّيبات، أي: العبادات الخالصة عن جميع المعيبات، أو العبادات المالية أو الأذكار، من الباقيات الصالحات، السلام عليك أي: أنواع التعظيم الذي وجه إلى الأنبياء والرسل، والتعريف فيه للعهد التقريري، أي: ذلك السلام الذي توجه إلى الأنبياء والرسل، ويجوز أن يكون للعهد الخارجي، إشارة إلى قوله تعالى في سورة النمل: {وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى} [النمل: ٥٩].

ولا شك أن هذين التقديرين أولى من تقدير النكرة؛ لأن أصله سلام عليك أي: سلمت سلامًا عليك، ثم حذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وعدل عن النصب إلى الرفع على الابتداء؛ للدلالة على ثبوت المعنى واستقراره.

قال صاحب (الإِقليد): التنكير فيه للتعظيم، وهو وجه من وجوه الترجيح، أي: أنواع التعظيم من الله - تعالى - أو من عباد الله الصالحين ينبغي لك أيها النبي.

قال الطيبي: من حكمة العدول من الغيبة إلى الخطاب في هذا المقام، مع أن مقتضى الظاهر أن يقول: السلام على النبي؛ إشعارًا إلى من إذا ذكر الحقيقة بالسلام، من الله ومن الملائكة، ومن عباد الله الصالحين من الإِنس والجان عن قلب حاضر، يجد ذلك المن من نفسه، محركًا للإِقبال على ذلك الحقيق بالسلام، ويجعل التحقيق بالسلام حاضرًا في يديه، وحيًا من عنده، ويسلم عليه بأنواع التعظيم والخضوع، فإذا بعد ذلك المن في

<<  <  ج: ص:  >  >>