للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كقول الصحابي: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكذا، أو نهانا عن كذا، أو من السنة، أو كنا لا نرى بأسًا، أو كنا نفعل كذا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فينا، ونحوه، فهو مرفوع كما قاله الأصوليون.

قال: لما قَدِمنا المدينة يعني نحن المهاجرين، نَالَنَا أي: أصابنا وَبَاءٌ بفتح الواو، أي: طاعون، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الطاعون رجز - أي: عذاب - وبقية عذاب عُذبَه قوم"، رواه مسلم (١) عن أسامة بن زيد رضي الله عنه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا الوباء رجزًا - أي: عذابًا - أهلك الله به: الأمم قبلكم، وقد بقي منه في الأرض شيء يجيء أحيانًا ويذهب"، رواه أحمد عن أبي بن كعب رضي الله عنه، كما فصلناه في (بركات الأبرار).

من وَعْكِهَا بفتح وسكون، أي: من حُمى المدينة، شديدٌ، بالرفع، صفة الوباء، ولا يبعد أن يكون خبر مبتدأ محذوف هو هو، أي: وعكها.

قال ابن عبد البر (٢): أهل اللغة قالوا: الوعك لا يكون إلا من الحمى، دون سائر الأمراض، ذكره السيوطي (٣).

وفي (القاموس): الوعك أذى الحمى ووجعها، ومقتها في البدن، وألم من شدة التعب، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس، أي: جمع ليس بهم عذر، وهم يُصلُّونَ في سُبْحَتِهِمْ أي: نافلتهم، وفي زائدة عرضًا من أخرى محذوفة، كقولك: ضربت فيمن رغبت، أصله ضربت من رغبت فيه، قاله ابن هشام في (مغني اللبيب) (٤)، قعودًا، أي: ظننا منهم أن الأمرين مستويان يقتضي ظاهره الإِباحة (ق ١٥٣)، فقال: "صلاة القاعد مثلُ نصف صلاة القائم"، ولا يبعد أن يراد بالناس الذين أصابهم ننبههم على أنهم لا يتساءلون في أمر القيام ما دام لهم عليه قدرة فإنه أفضل وثوابه أكمل.

* * *


(١) أخرجه: مسلم (٢٢١٨).
(٢) انظر: التمهيد (١٢/ ٥١).
(٣) انظر: تنوير الحوالك (١/ ١٢٠).
(٤) انظر: مغني اللبيب (ص: ٨٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>