للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أهل المدينة، مات سنة خمس وثلاثين ومائة، عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، يكنى أبا داود المزني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة، ثبت عالم، كان في الطبقة الثالثة من طبقات التابعين، من أهل المدينة، مات سنة سبع عشرة بعد المائة من الهجرة (١)، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: من فاته من حِزْبه أي: من ورده شيء أي: من قراءة أو صلاة أو نحوها من الليل أي: من أوله أو أوسطه أو آخره بأن نام عنه أو غلبته ضعف أو حصل له مانع، فقرأه أي: تدارك تلك القراءة ونحوها من حين تزول الشمس أي: إذا انتقلت من المكان التي طلعت فيه.

كما روى ابن شهاب عن السائب بن يزيد، وعبد الله بن عبد الله، عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر: من نام عن حزبه فقرأ ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأ من الليل، وهذا أولى من حديث داود بن حصين، لأن زوال الشمس إلى صلاة الظهر وقت ضيق لا يسع الحزب. رواه مسلم والأربعة (٢) من طريق يونس عن ابن شهاب به مرفوعًا، كما قاله السيوطي (٣). إلى صلاة الظهر فكأنَّه لم يَفتْهُ شيء.

قال ابن الملك: والمعنى: من فاته حزبه بأن غفل عنه وشيء منه، أو ذهب عن الوقت الذي كان يفعله فيه ففعله في وقت آخر كتب له من الأجر مثل ما لم يفت؛ لأن تعين ذلك الوقت إن لم يكن يقينًا من الشارع وهو الله، وإنما كان باعتبار فعله وجميع الأوقات، وبالنسبة إليه سواء، فعلى هذا تخصيص الليل بالذكر؛ لأن ورد العابدين يوجد فيه غالبًا، فإن قلت: كان التشبيه في كأنه يفضي أن يكون الأجر فيه لقص وليس كذلك.

قلت: هذا من قبيل التشابه لأن تعيين ذلك الوقت، (ق ١٦٥) ولم يكن بتعيين الشارع حتى يكون التفويت منقصًا بوقوعه، ولو كان التعبير بطريق الندب يكون تشبيهًا. انتهى.

ولا يخفى أن صلاة التهجد من تعيين الشارع بطريق الندب، وكذا تأخير الوتر إلى


(١) انظر: التقريب (١/ ٣٥٢).
(٢) أخرجه: مسلم (٧٤٧)، وأبو داود (١٣١٣)، والترمذي (٥٨١)، وابن ماجه (١٣٤٣) عن عمر موقوفًا.
(٣) انظر: تنوير الحوالك (١/ ١٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>