للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر الليل لمن لم يثق بالانتباه، وقد يجب التلاوة على بعض القراء من الحفاظ خوف النسيان في الليل لاشتغاله في ضروريات معاشه في النهار.

كما أشار إليه في قوله تعالى في سورة المزمل: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا} [المزمل: ٦، ٧]، وبهذا يتعين أن صلاة الليل والتلاوة فيه أفضل فيكون تشبيه الناقص بالكامل، وإلحاقه به في محله، ثم الظاهر المتبادر أن تدارك ما فات في الليل يكون في جميع أجزاء النهار.

كما في حديث رواه الترمذي في (شمائله) (١) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يصل بالليل ومنعه من ذلك النوم أو غلبته عيناه صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، لا أنه مخصوص في التدارك أفضل، وأصله قوله تعالى في سورة الفرقان: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢]، ففي تفسير البغوي: قال ابن عباس والحسن وقتادة، يعني خلفًا وعوضًا يقوم أحدهما مقام الآخر، فمن فاته عمل في أحدهما قضاه في الآخر كما قاله علي القاري (٢).

* * *

١٦٩ - أخبرنا مالك، حدثنا زيد بن أسْلَمْ، عن أبيه، أنه قال: كان عمر بن الخطاب يصلي في كل ليلة ما شاء الله أن يصلي، حتى إذا كان من آخر الليل أيْقظ أهلَه للصّلاة، ويَتْلو هذه الآية {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: ١٣٢].

• أخبرنا مالك، حدثنا زيد بن أسْلَمْ العدوي، يُكنى أبا عبد الله وأبا أسامة، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، مدني، عدوي، عالم ثقة في أكابر التابعين، وكان من الطبقة الثالثة، مات سنة ست وثلاثين ومائة (٣)، عن أبيه، أنه أي: أسلم، قال: كان عمر بن


(١) انظر: الشمائل (٢٦٨).
(٢) انظر: تفسير البغوي (٣/ ٣٧٥).
(١٦٩) صحيح، أخرجه: مالك (٢٥٢)، وعبد الرزاق في مصنفه (٤٧٤٣)، والتهجد (٢١٣).
(٣) انظر: التقريب (١/ ١٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>