لله من بُكرة بضم الموحدة، أي: أول النهار إلى اللَّيل، إلى آخر النهار، أحبُ إليَّ أي: أفضل عندي، من أن أحْمِل بكسر الميم المخففة، أي: أركب على جياد بكسر الجيم والياء التحتية والألف والدال جمع جواد، وهو السابق من الخيل، أي: الفرس في سبيل الله، كما في الجهاد والحج، من بكرة بضم الموحدة، أي: أول النهار حتى الليل، أي: إلى انتهاء النهار، يعني ذكر الله عندي خير من الجهاد والحج وغيرهما من وجوه البر.
قال محمد بن الحسن الشيباني: ذكر الله أي: ذكر العباد بالطاعة إلى الله تعالى، وذكر الله بعباده بالعون والرحمة والتوفيق، حَسَنٌ على كلَّ حال، كلمة على متعلق إلى ذكر الله، وبمعنى اللام التعليلية كقوله في سورة البقرة:{وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة: ١٨٥]، أي: هدايته إياكم، كذا قاله ابن هشام في (مغني اللبيب)، يعني ذكر المؤمنين لله لأجل جميع أحوالهم حسن.
لأن الإِنسان لا يخلو من أربعة أحوال؛ إما أن يكون في الطاعة، أو في المعصية، أو في النعمة، أو في الشدة؛ فإن كان في الطاعة ينبغي له أن يذكر الله بالعبادة الخالصة، ويسأله قبولها، والتوفيق إلى اختتامها إلى غيرها، وإن كان في المعصية ينبغي أن يذكر الله بالامتناع منه، ويسأل منه التوبة وقبولها، وإن كان في النعمة أن يذكر الله بالشكر، وإن كان في الشدة ينبغي أن يذكر الله بالصبر على همه.
* * *
١٧٤ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن ابن عُمر أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إنَّما مَثَل صاحب القرآن كَمَثَلِ صاحب الإبل المُعْقَلَة. إن عَاهَدَ عليها أمْسَكَهَا وإن أطْلَقَهَا ذهبَتْ".
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: ثنا، رمزًا إلى حدثنا، وفي نسخة أخرى: محمد قال: أخبرنا، حدثنا نافع، وفي نسخة أخبرنا عن ابن عُمر رضي الله عنهما أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
(١٧٤) أخرجه: البخاري (٢٧٤٣)، ومسلم (٧٨٩)، والنسائي في المجتبى (٩٤١)، وابن ماجه (٣٧٨٣)، وأحمد (٥٢٩٣)، ومالك (٤٦١)، والنسائي في الكبرى (١٠١٤)، وابن حبان (٧٦٤)، والبيهقي في الكبرى (٤١٥٤).