للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عمرو بن الحارث، من بني حمير نسبًا الأصبحي، وهو صاحب المذهب، إمام الحجاز، بل للناس في الحدث والفقه، هو الإمام المشهور من الأئمة الأربعة، كان في الطبقة السابعة من طبقات كبار التابعين، والمحدثين من أهل المدينة، ولد سنة تسعين وثلاث، ومات سنة تسع وسبعين ومائة، كذا قاله الذهبي في (الكاشف) (١).

وقال بعض المؤرخين كالواقدي: كان الإِمام مالك ابن تسعين سنة، ومكث في بطن أمه ثلاث سنين، ووهم بعضهم أن أنس أبا مالك الإمام الحجاز أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك؛ لأن أبا أنس خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالك بن النضر بن ضمضم الخزرجي، وأبا الإِمام مالك بن ضمضم الخزرجي، وأبا الإِمام مالك أنس بن مالك بن عمير أبي عامر الأصبحي، وهو خلاف الخزرجي، والأصبح ملك من ملوك اليمن يقال له: ذو أصبح، كما قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي الحنبلي (٢).

قال النووي: قد جرت العادة بالاختصار على الرمز في أخبرنا وحدثنا، واستمر الاصطلاح من قديم الأعصار إلى زماننا هذا، واشتهر بذلك بحيث لا يخفى فيكتبون من أخبرنا: أنا، زاد ابن الصلاح فيه: أرنا، وزاد الشيخ الجزري فيه: أبنا ورنا، ونقل بعض عنه أنه قال في وجوه اختصار أخبرنا: بنا أيضًا بالموحدة والنون، ويكتبون من حدثنا: ثنا بالثاء والنون والألف، وربما حذفوا المثلثة ويقتصرون بالنون والألف، وربما يكتبون: دنا بالدال المهملة قبل نا. انتهى.

ويُفهم من كلام ابن الصلاح وابن العراقي أنهم يكتبون في هذا: دثنا بزيادة المثلثة أيضًا، قال ابن الصلاح: وليس بحسن ما يفعله طائفة من كتابة: أخبرنا بالألف مع علامة: بنا فيكون: أبنا، وإن كان الحافظ البيهقي ممن فعله، قال ميرك: وكان وجه عدم الحسن أنه ربما يشتبه باختصار أنبأنا، فإنهم يقتصرونه بأبنا، واعلم أنه لا فرق بين التحديث والإِخبار والإنباء والسماع عند المتقدمين كالزهري ومالك وابن عيينة ويحيى القطان وأكثر الحجازيين والكوفيين، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه، وعليه استمر عمل أهل المغاربة.


(١) انظر: الكاشف (٣/ ٢٠٥).
(٢) انظر: صفة الصفوة (٢/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>