قال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اقتادوا"، بكسر الهمزة، وسكون القاف، والتاء الفوقية والألف، وبضم الدال، أمر من الاقتياد ومزيد للقود، وهو الجر من قدم الدابة ضد السوق، ومنه القائد مقدم الحزم، والمعنى ارتحلوا من هذا المحل؛ فإنه أوقعنا في الوجل، أي: الخوف، زاد مسلم: فإن هذا حضر لاقيه الشيطان.
قال ابن الملك في (شرح المشارق): فإن قلت: كيف حضرهم الشيطان وفوات الواجب لم يكن بتقصير منهم؟ قلت: يمكن حضوره ثابتًا وقت النوم لعدم احتياطهم فيه، وإن لم يكن ثابتًا وقت القوت، وفيه ندب الاجتناب عن موضع الفعل القبيح، انتهى. ولا يخفى قبح عدم الاحتياط إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الكرام، مع أمر بلال لمحافظة الوقت في ذلك المقام، فالصواب في ذلك: الجواب: أن الشيطان حضر بلالًا ونومه بما غير له حالًا، وإنما لم ينسبه بلال إلى الشيطان، كما قال فتى موسى:{وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ}[الكهف: ٦٣]، نظرًا إلى الفاعل الحقيقي، كما هو شأن أرباب الجمع، وأصحاب الكمال، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لما كان في مكان جمع الجمع نسبة إلى السبب، مراعاة للأدب مع الرب، وإعطاء كل ذي حق حقه، في استيفاء المطلب، وفيه استحباب الاجتناب عن موضع وقع فيه شيء من أسباب الاحتجاج، فبعثوا أي: أقاموا رواحلهم أي: دوابهم، فاقتادوها بفتح الفاء وسكون القاف، والتاء الفوقية والألف وضم الدال، ماضٍ عطف على بعثوا، أي: أخذ بزمام دوابهم، وجروا بها شيئًا، أي: زمانًا قليلًا، أو اقتيادًا يسيرًا.
وفي حديث عمران: فسار غير بعيد، ثم نزل، وهذا يدل على أن هذا الارتحال وقع على خلاف أمرهم المعتاد.
وفي مسلم: ثم توضأ - صلى الله عليه وسلم -، زاد ابن إسحاق: وتوضأ الناس، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالًا، فأقام الصلاة، ولأحمد: فأمر بلالًا, فأذن ثم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فصلى ركعتين قبل الصبح، أي: قبل فرض الفجر، ثم أمره، فأقام الصلاة، فصلى بهم الصبح، أي: فرضه.
زاد الطبراني (١) من حديث عمران: قلنا: يا رسول الله، أنعيدها من الغد لوقتها؟ قال:"نهانا الله عن الربا ويقبله منا؟ "، ثم قال أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قضى الصلاة: "من