للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأخيران جملة أنه سأله، فقال أبو هريرة رضي الله عنه، قال أبو عمر ابن عبد البر: وقف هذا الحديث رواة الموطأ والمواقيت لا تؤخذ بالرأي ولا تدرك بالتوقيف، يعني هذا الحديث موقوفًا لفظًا مرفوع حكمًا، وقد روى حديث المواقيت مرفوعًا بأتم من طريق عبد الله بن رافع، أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن أبي هريرة كما قاله الزرقاني (١).

أنا أخْبِرُك: فتقديم المسند إليه للتخصيص ردٌ على من زعم انفراد غير المسند إليه المذكور بالخبر الفعلي، أو زعم مشاركة غير المسند إليه معه في الخبر الفعلي فيكون قصر القلب إذا كان الرد زعم من زعم انفراد غير أبي هريرة في الخبر كأنس بن مالك مثلًا يقول لعبد الله بن رافع: أنا أخبرك، صلِّ الظهر إذا كان ظلك مثلك أو قصر أفراد إذا كان الرد زعم من زعم أن غير أبي هريرة رضي الله عنه مشاركة معه في الخبر مثل: نحن نخبرك يا عبد الله بن رافع، صل الظهر إذا كان ظلك مثلك كما قاله السعد الدين التفتازاني في (شرح التلخيص): صلِّ الظهر إذا كان ظلُك، أي: مثلًا مثلك، أي: مقدار قامتك يعني: صل الظهر إذا كان ظل كل شيء مثله في الطول سوى ظل الزوال، وعلى تقدير أمره إذا صلى في آخر وقت الظهر جوازًا كما أشار إلى أول الوقت جوازًا بقوله: والعصر، أي: صل صلاة العصر، إذا كان ظلك مثلَيْك، أي: مثلي قامتك من غير فيء، والزوال، أي: ظله وهذا بظاهره يؤيد قول مالك بالاشتراك وفيه تنبيه على أنه بين الوقتين وقت مهمل كما هو رواية الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله، والمغرب، أي: صل المغرب إذا غَرَبَتِ الشمسُ. وأوله هو الوقت المختار عند الكل، والعشاءَ بالنصب ما بينك، أي: ما بين وقتك من غروب الشفق، قيل لعله صحَّف بقوله: ما بينه وبين ثُلثُ الليل، بضمتين وتسكين الثاني وهو الوقت المختار، وإلا فوقت جوازه إلى آخر الليل وكذا وقت الوتر، وهو أي: الوتر تابع للعشاء، فإن نِمْت بسكر النون، أي: رقدت من أول العشاء قبل أداءها إلى نصف الليل فلا نامتْ عيناك، وهذا دعاء عليه لما فعل من المكروه، وهو تأخير العشاء عن وقته الأفضل مع نومه على أن السهر في ذلك الوقت هو الأكمل أو أخبار يعني (ق ١١)، أن أبا هريرة رضي الله عنه لكمال اعتماده وحسن ظنه على عبد الله بن رافع بأنه لا يرقد في فراشه بعد نصف الليل قال له: فإن نمت إلى نصف الليل فلا نامت عيناك،


(١) انظر: شرح الزرقاني (١/ ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>