للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قال بعضهم: إن الوقت المختار هو نصف الليل، وقيد نصفه في الشتاء لطول ليله، وثلثه في الصيف لقصر ليله، جمعًا بين الروايتين وفي (مسند البزار) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام قبل العشاء فلا نامت عيناه"، وصلّ الصبح، أعاد العامل اهتمامًا أو لطول الفصل بالكلام، بِغَلَسٍ، بفتح الغين المعجمة واللام، وبعدها سين مهملة، أي: ظلمة آخر الليل إذا اختلط بضوء الصباح، وأشار أبو هريرة رضي الله عنه فيه إلى وقت الجواز اتفاقًا على اختلاف في الوقت المختار، وهو عندنا الإِسفار كما قاله المصنف رحمه الله في (الآثار)، ولا خلاف في سنية التغليس بفجر مزدلفة.

قال محمد بن الحسن, أي: في تفسير هذا الحديث: وهذا وفي نسخة: لم توجد الواو، أي المعنى المذكور في حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قول أبي حنيفة رحمه الله، أي: بظاهره، في وقت العصر، أي: على خلاف قول الجمهور على ما سيأتي، وكان يرى أي: والحال أن أبا حنيفة يختار وقت الإِسْفَار أي: البياض الخالص بالفجر لحديث: "أسفروا بالفجر فإنه أعظم الأجر" (١)، رواه الترمذي وغيره، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وتأويله: بأن المراد تبيين الفجر حتى لا يكون شك في طلوعه، إذ ما لم يتبين لا يحكم بجواز الصلاة، فضلًا عن إصابة الأجر، على أن في بعض رواياته ما ينفيه، وهو "أسفروا بالفجر، فكلما أسفرتم بالفجر فهو أعظم للأجر"، وروى الطحاوي بإسنادٍ صحيح عن الأعمش عن إبراهيم قال: ما اجتمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شيء كما اجتمعوا على التنوير، ولا يجوز اجتماعهم على خلاف ما فارقهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيكرم كونه ينسخ التغليس المروي عن حديث عائشة رضي الله عنها المذكور في حديث مسلم: كان يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات؛ أي مشتملات بمروطهن ما يُعرفن من الغلس (٢)، وهو جمع: مِرط بالكسر وسكون الراء، هو ثوب تلبسه المرأة فوق


(١) أخرجه: أبو داود (٤٢٤)، والترمذي (١٥٤)، والنسائي (٥٤٧)، وابن ماجه (٦٧٢)، وأحمد (١٦٨٢٨)، والدارمي (١١٩٩)، وابن حبان (١٤٩٠)، وابن أبي شيبة (١/ ٣٥٤)، والطبراني في الكبير (٤٢٨٣)، والأوسط (٩٢٨٩)، والبيهقي في الكبرى (٢١٩١) ..
(٢) أخرجه: البخاري (٥٧٨)، ومسلم (٦٤٥)، وأبو داود (٤٢٣)، والترمذي (١٥٣)، والنسائي (٥٤٥)، وابن ماجه (٦٦٩)، وأحمد (٢٣٥٧٦)، ومالك (٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>