للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثيابها. أما حديث ابن مسعود في الصحيحين فظاهر فيما ذهبنا إليه، وهو: ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة إلا لميقاتها، إلا صلاتين: صلاة المغرب والعشاء بجمع، وصلى الفجر يومئذٍ قبل ميقاتها مع أنه كان بعد الفجر إجماعًا، فعلم أن المراد قبل ميقاتها الذي اعتاد الأداء فيه؛ لأنه غلس يومئذٍ لتمتد وقت الوقوف فأفاد أن المعتاد كان غير التغليس إلا أنه يبعد النسخ؛ لأنه يقتضي سابقة وجود المنسوخ، وقوله: ما رأيت، يفيد أن لا سباقة له، فالأولى حمل التغليس على الغلس داخل المسجد لا حجرتها رضي الله عنها، كانت فيه، وكان بسقفه عريشًا متقاربًا، ونحن نشاهد الآن أنه يظن قيام الغلس داخل المسجد فإن صحتها قد انتشرت فيه ضوء الفجر وهو الإِسفار، وإنما وجب (ق ١٢)، هذا الاعتبار لما وجب من ترجيح رواية خصوصًا مثل ابن مسعود رضي الله عنه، فإن الحالة: اكشف لهم في صلاة الجماعة، هذا خلاصة كلام الإِمام ابن الهمام. وقال الطحاوي: الذي ينبغي أن يكون الدخول في الفجر وقت الغلس والخروج منها في وقت الإِسفار، يعني جمعًا بين الآثار، وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، لكن الذي ذكره الأصحاب عن الثلاثة أن الأفضل أن يبدأ بالإِسفار ويختم به، وهو الذي يفيد اللفظ فإن الإِسفار بالفجر إيقاعها فيه وهو اسم لمجموعها فيلزم إدخال مجموعها فيه، وأما قولنا: يعني محمد نفسه وأبا يوسف معه، فإنَّا نَقُولُ: إذا زاد الظل على المِثْلِ أي: قدر الفيء، وهو بفتح الفاء وسكون التحتية والهمزة في اللغة: الرجوع، وفي العرف: ظل راجع من الغرب إلى المشرق حين يصبح على خط نصف النهار كما ورد في (درر الغرر) فصار أي: الظل، مثلَ الشيءِ أي: قدره، وزيادةً وهي كمية الفيء باختلاف الفصول والأمكنة من حين أي: من أول وقت زالت الشمس أي: مالت من جانب شرقها إلى طرف غربها، فقد دخل وقتُ العصر أي: أوله، وعليه الجمهور.

وأما أبو حنيفةَ رحمه الله فإنه قال: لا يدخل وقت العصر حتى يصيرَ الظل مِثْليهِ، أي: قدري الشيء سوى الفيء، لهذا الحديث وغيره من الأحاديث، وهو الأحوط، فإن قيل: هذا البيان مخالف لبيان الفقهاء، فإنهم بينوا أولًا وقت صلاة الفجر، وثانيًا وقت الظهر، وثالثًا وقت العصر، ورابعًا وقت المغرب، وخامسًا وقت العشاء والوتر، والمصنف رحمه الله بيَّن أولًا وقت الظهر، أجيب عنه: فإنه قدم بيان وقت الظهر اتباعًا لأبي هريرة رضي الله عنه، فإنه أجاب السائل حين سأله أولًا عن وقت الظهر، فأجاب أبو هريرة

<<  <  ج: ص:  >  >>