واختار ابن المنذر وجماعة جواز الجمع في الحضر من غير خوف ولا مرض ولا مطر.
قال محمد: ولسنا أي: لم نكن نأخذ، لا نعمل ولا نفتي بهذا أي: بأثر ابن عمر: لا نجمع بين الصلاتين في وقت واحد، أي: السفر أو المطر يعني الجمع بين صلاتي الظهر والعصر وبين صلاتي المغرب والعشاء لعذر سفر أو مطر غير جائز عندنا، خلافا للشافعي فإنه مخير إن شاء صلى الظهر وقت العصر أو وقت الظهر، وكذا في المغرب والعشاء، كذا في (شرح مجمع البحرين) لابن مالك، إلا الظهْرَ والعصر بعَرَفة هي علم لمواضع الموقف للحجاج، سمي بالجمع منصرف، ولا اعتبار للتاء في اللفظ أنها علامة لجمع التأنيث مع الألف قبل التاء، وإنما سمي الموقف بعرفات؛ لأن الناس يتعارفون فيه أو لأن جبريل عليه السلام كان يدور بإبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه في مواضع العبادة، وقيل: إن جبريل عليه السلام لما علَّم إبراهيم المناسك وأوصله إلى عرفات فقال له: أعرفت كيف تطوف، وأي: موضع تقف؟ قال: نعم، فإذا أردت تفصيله، فاطلبه من قوله تعالى في سورة البقرة:{فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٩٨]، يعني: يجوز الجمع للحاج بين صلاتي (ق ٢٠٨) الظهر وصلاة العصر في وقت الظهر بعرفات بشرطين: أحدهما: الإِمام، والثاني: الإحرام.
فلا يجوز للمنفرد أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر في عرفات، ولا يجوز أن يصلي العصر بالجماعة مع الإِمام في وقت الظهر لمن صلى الظهر في جماعة بلا إحرام ثم أحرم.
لكن يجوز أن يصلي العصر في وقته لمن صلى الظهر بجماعة بلا إحرام، ثم أحرم للحج، كذا بيناه في (سلم الفلاح)، والمغربَ، والعشاءَ بالْمُزْدَلِفَةِ، يعني: يجوز الجمع بين صلاتي العشاء والمغرب جمع تأخير بمزدلفة وسميت بمزدلفة لاجتماع الناس فيها، ومنه قوله تعالى في سورة الشعراء:{وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ}[الشعراء: ٦٤]، أي: جمعناهم، وهو أي: ما ذكر مفصلًا قولُ أبي حنيفة، أي: نعمان بن ثابت الكوفي، مات في بغداد.
قال محمد: وبلغنا أي: الخبر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنه كتب في الآفاق، قال أهل اللغة: بمد الهمزة والفاء والقاف بينهما ألف النواحي والواحد أُفق وهو