للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، تابعي من الطبقة الرابعة، من أهل المدينة، وفي نسخة: قال: ثنا، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى، أي: في غير منى، إذ لا صلاة فيهما قبل الخطبة، هذا حديث مرسل متصل من وجوه، كما أخرجه الشيخان (١) من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي في الفطر والأضحى ثم يخطب بعد الصلاة، ولهما عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، وذكر أي: ابن شهاب الزهري أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يصنعان ذلك، أي: ما ذكر من الترتيب، فلا يكون منسوخًا، ففي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: شهدتُ العيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعثمان فكلهم كانوا يصلون قبل الخطبة.

واختلف في أول من غَيَّر ذلك، ففي مسلم عن طارق بن شهاب: أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، وفي ابن المنذر بسند صحيح عن الحسن البصري: أول من خطب قبل الصلاة عثمان، صلى بالناس ثم خطبهم، أي: على العادة - فرأى ناسًا لم يدركوا الصلاة ففعل ذلك، أي: يخطب قبل الصلاة، وهذه العلة غير الذي اعتل بها مروان؛ لأن عثمان رضي الله عنه راعى مصلحة الجماعة في إدراكهم الصلاة، أما مروان فراعى مصلحتهم في إسماعهم سب من لا يستحق السب، والإِفراط في مدح بعض الناس، فقيل: هذا إنما راعى مصلحة نفسه، ويحتمل أن عثمان فعل ذلك أحيانًا بخلاف مروان، فواظب عليه، فلذا نسب إليه.

ورُوي عن عمر مثل فعل عثمان، كذا قاله الزرقاني (٢).

قال محمد: وبهذا أي: بهذا الحديث، كله، أي: بكل ما عمله النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما نأخُذُ، أي: نعمل ونفتي، إنما رخّص عثمان رضي الله عنه في الجمعة لأهل العَاليَة، وهي اسم موضع في جهة الشرق من المدينة، مسافته إلى المدينة خمسة أميال أو ستة، كما قيل، حيث قال لهم عثمان: من أحب من أهل العالية أن ينتظر صلاة الجمعة فلينتظرها، ومن أحب أن يرجع إلى منزله فليرجع فقد أذنت له (ق ٢٣٣) أن


(١) البخاري (٩١٤)، ومسلم (١٩٦١).
(٢) في شرحه (١/ ٥١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>