للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال السيوطي لا يعارض ما رواه يحيى بن يحيى عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة؛ لأن هذا محمول على أنها ختمت فيه ما كان يفتتح صلاته من ركعتين خفيفتين قبل إحدى عشرة ركعة. انتهى. ويحتمل أن يكون محمولًا على اختلاف الحالات، وما ذكرته بطريق الحصر يكون أمرًا عاديًا عندها.

وقال الحافظ ابن حجر: وأما ما رواه ابن أبي شيبة (١) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي عشرين ركعة والوتر فضعيف، وقد عارض هذا (ق ٢٤٠) الحديث الصحيح، مع كون عائشة أعلم بحال النبي - صلى الله عليه وسلم - ليلًا من غيرها، كذا ذكره السيوطي، ولا يبعد أنه حصل العلم من ابن عباس رضي الله عنهما من غير طريق عائشة رضي الله عنها من سائر أمهات المؤمنين، رضي الله عنهن، وعلى كل تقدير، فالعمل بالحديث الضعيف جائز عند الكل في فضائل الأعمال، والله أعلم بالأحوال، ويكفينا ما رواه البيهقي في (المعرفة) بإسناد صحيح عن السائب بن يزيد قال: كنا نقوم زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر، فهذا كالإِجماع من غير نكير منكر في هذا الاجتماع، لا سيما وقد ورد: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين بعدهم"، الظاهر من كلام ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي عشرين ركعة في ليالي رمضان من أولها.

وكلام عائشة مشيرًا إلى صلاة التهجد يصلي أربعًا, ظاهره أنه بسلام واحد فلا تسأل عن حُسْنهنّ أي: في الكيفية وطُولهنّ أي: لأنه لا يمكن وصفها، والفاء جواب الشرط محذوف تقديره: إذا سألت أبا سلمة عن كيفية صلاته - صلى الله عليه وسلم - وكميتها فلا تسأل عن حُسنهن؛ لأنهن من كمال كيفية صلاته - صلى الله عليه وسلم - وكميتها، فلا تسأل الحسن والطول، تستغن لظهورهن عن السؤال، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حُسْنهنّ أي: في الكيفية وطُولهنّ أي: في الكمية؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي ثمان ركعات في المرتين، لا يعتبر أحد بحسنهن، يعني أربع ركعات في الطول والحسن، ثم أربعًا كذلك، وترتيب القراءة ونحو ذلك، فلا ينافي أنه يجلس في كل ركعتين ويسلم، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة الليل مثنى مثنى"، ومحال أن يأمر بشيء ويفعل خلافه، كذا في (التمهيد).


(١) ضعيف، تقدم قريبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>