للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال النووي: المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، وقال غيره: قيل: مطلق الصلاة الحاصل بها قيام الليل، كذا ذكره السيوطي، والأظهر أن المراد بالقيام إحياء الليل بالعبادة، أعم من أن يكون صلاة، أو طواف الكعبة، أو تلاوة القرآن، وغير ذلك من أنواع العبادات، وأصناف الطاعات، الشاملة للعلوم النافعة.

إيمانًا أي: تصديقًا بسنته، واحْتسَابًا أي: طلبًا لثواب الآخرة، لا لرياء ونحوه مما يخالف الإِخلاص، (ق ٢٤٢) ونصبهما على المصدر أو الحال، وعلى العلة، كذا نقله علي القاري عن السيوطي، غُفرَ له بصيغة المجهول، ما تقدَّم من ذنبه، أي: ذنبه المتقدم، "فمن" للبيان لا للتبعيض، أي: الصغائر لا الكبائر، كما قطع إمام الحرمين والفقهاء، وعزاه عياض لأهل السنة، وجزم ابن المنذر بأنه يتناول بهما.

وقال الحفاظ: إنه ظاهر الحديث.

وقال ابن عبد البر: اختلف فيه العلماء فقال قوم: يدخل فيه الكبائر، وقال الآخرون: لا تدخل فيه لكن لا بد من أن يقيد بما لا يمكن تداركه من حقوق الله، ومن حقوق العباد، وألا يترتب عليه كثير من الفساد لأرباب العناد، كذا قاله علي القاري.

وقال الزرقاني (١): وقد ورد في غفر أن ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها في كتاب مفرد، واستُشكِل بأن المغفرة تستدعي سبق ذنب المتأخر من الذنوب، ولم يأت بعد فكيف يغفر؟ وأجيب بأن ذنوبهم تقع مغفورة، وقيل: هو كناية عن حفظ الله تعالى بعباده في المستقبل عن الذنوب، كما قيل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم" انتهى.

لكن ثبت أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر، فإذا كانت الفرائض لا تكفرها فأولى قيام الليل من شهر رمضان، وهو سنة، وأجيب بأن المكفر ليس قيام الليل هو فعل العبد، بل فضل من الله تعالى، والذي يظهر لي والمراد بالكبائر فيما ثبت من الحديث أكبر الكبائر، وهو الكف، أو المراد بالكبائر هي مطلق الكبائر، والمطلق ينصرف إلى الكمال، والكامل في الكبائر هو المكفر كما فصلناه في باب التأمين.


(١) في شرحه (١/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>