للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يصلي الرجل أي: لنفسه، بيان لما أجمله أولًا، من قوله: (أوزاع) فيصلي بصلاته الرَّهْط، بفتح الراء المهملة، وسكون الهاء والطاء: الكثير ما دون العشرة من الرجال، ورهط الرجل قومه وقبيلته، والجمع راهط، كذا قاله صاحب الأختري، فقال عمر أي: ابن الخطاب: والله إني لأَظُنّني أي: لأحسب نفسي، وليحيى: والله إني لأدرى بضم الهمزة، أي: لأظنني لو جمَعْتُ هؤلاء أي: الأوزاع والجماعات على قارئ أي: على رجل واحد يقرأ القرآن ليكون إمامًا لهم لكان أي: أمرهم أو جمعهم أَمَثَلَ أي: أفضل وأكمل؛ لأنه أنشط الكثير من المصلين. قال سعيد بن زيد الباجي - من المالكية - وابن التين وغيرهما: استنبط عمر بن الخطاب ذلك من تقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - من صلى معه في تلك الليالي، وإن كان كره ذلك لهم فإنما كرهه خشية أن يُفرض عليهم، فلما مات - صلى الله عليه وسلم - أمن ذلك.

وقال ابن عبد البر (١): لم يسن عمر إلا ما رضيه - صلى الله عليه وسلم -، ولم يمنعه من المواظبة عليه إلا خشية أن يفرض على أمته، {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ (ق ٢٤٤) رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤٣]، فلما أمن عمر رضي الله عنه من ذلك أقامها، وأحياها في سنة أربعة عشرة من الهجرة، ويدل على أنه - صلى الله عليه وسلم - من ذلك قوله: "إن الله فرض عليكم رمضان، وسننتُ لكم قيامه، فمن صامه وقامه إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه"، ثم عَزَم أي: جزم وتيقن بعد ما حسب وظن، فجمعهم على أبي بن كعب، أي: جعله إمامًا لهم.

قال الحافظ ابن حجر (٢): وكان اختياره عملًا بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" (٣)، وقد قال عمر: أقرؤنا أُبيّ، وكان تميم الداري يصلي بالنساء، وقيل: سليمان بن أبي حثمة، قال ابن حجر (٤): ولعل ذلك كان في وقتين، كذا نقله علي القاري عن السيوطي. قال: أي: عبد الرحمن بن عبد القارئ: ثم خرجت معه أي: مع عمر ليلةً أخرى والناس أي: والحال أن الناس يصلُّون بصلاة قارئهم، أي: مع إمامهم المذكور، وهو صريح في أن عمر كان لا يصلي معهم؛ لأنه كان يرى أن الصلاة في بيته، ولا سيما


(١) انظر شرح الزرقاني (١/ ٣٣٩).
(٢) الفتح (٤/ ٢٥٢).
(٣) أخرجه: مسلم (١/ ٤٦٥).
(٤) الفتح (٤/ ٢٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>