شديدة، يعني الرجل الجنب والحائض يصب عرقهما في ثوب، وهو أي باب مصدر إذ أصله بوب بفتح الباء وسكون الواو بعدها موحدة من باب نصر، فقلبت الواو ألف لسكونها أو انفتاح ما قبلها، فصار بابًا وهو في اللغة المنع، وهو مبني للفاعل، فيكون بمعنى المانع، وإنما جاء به ليمنع دخول حكم ما قبله في حكم ما بعده، كما يمنع بواب دار السلطان من دخول الأجانب فيها، وهو إما ساكن أو منون، فإن كان ساكنًا فلا حظ له في الإِعراب؛ لأن الإِعراب مستحق بعد التركيب، فلا تركيب حينئذ، وإن كان منونًا فهو مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف كما قدرناه، أو مبتدأ على أنه علم جنس وخبره محذوف، كما قاله أكمل الدين محمد بن أحمد الخباري في (معراج الدراية على الهداية) ونوح أفندي في (حاشية الدرر)، والمناسبة بين هذا الباب والباب السابق تنفر فإن النخامة والعرق ينفر منهما طبع سليم؛ لأن من عرق النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن منه الورد الأحمر، كما قاله - صلى الله عليه وسلم -: "من أراد أن يشم رائحتي فليشم الورد الأحمر"، كذا نقله النووي في (كنوز الحقائق) عن (مسند الفردوس) للديلمي.
٢٨٢ - أخبرنا مالك، حدثنا نافع، عن ابن عمر، أنه كان يعرق في الثوب وهو جُنُبٌ، ثم يصلي فيه.
قال محمد: وبهذا نأخذ، لا بأس به ما لم يصب الثوب من المنيّ شيء، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا وفي نسخة: عن نافع، أي: المدني التابعي، مولى عبد الله بن عمر، عن أبن عمر، رضي الله عنهما، أنه كان يعرق بفتح التحتية وسكون العين المهملة، ثم راء مهملة مفتوحة وقاف بعدها مضارع من باب علم، أي: يصب عرق جلده بالترشيح في الثوب أي: الذي لابسه وهو أي: والحال أن ابن عمر جُنُبٌ، ثم أي: بعد الاغتسال يصلي فيه، أي: في الثوب الذي أصابه عرقه قبل غسله.
أخبرنا نافع عن صلاة ابن عمر بصيغة المضارع، وهو خلاف مقتضى الظاهر،
(٢٨٢) صحيح، أخرجه: الدارمي (١٠٢٠)، ومالك (١١٧)، وابن أبي شيبة (١/ ٢١٨)، والبيهقي في الكبرى (٩١٣).