الْأَرْضِ} الآية [الجمعة: ١٠] , أي: إذا أديت الصلاة، ذَكَرَ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "زَادكَ الله حِرْصًا ولا تَعُدْ"، بضم العين والدال نفي استقبال، أي: لا تفعل مثل هذا، وعلى هذا عطف على قوله فقال: أي: وقال لأبي بكرة: لا تعد، أو فهي حاضر على أن يكون عطفًا على زادك، فيكون عطف الإِنشاء على الأخبار، وهو ليس بحسن عند البلغاء، ويقال: لفظ زادك إنشاء معنى، وإن كان إخبارًا لفظًا، وإنما وقع الخبر بلفظ الماضي موقع الإِنشاء للتفاؤل، دلالة على أنه كأنه وقع نحو وفقك الله للتقوى، أو لإِظهار الحرص في وقوع المطلوب، كما قاله سعد الدين التفتازاني في (شرح التخليص)، وكذا الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة:"زادك الله حرصًا".
قال محمد: هكذا أي: مثل ما قاله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة نقول أي: نتكلم بعدم فساد الصلاة إذا لم يكثر الخطوات، وفي نسخة: بهذا، وفي نسخة أخرى: فهكذا بالفاء الفصيحة، وهي في مذهب صاحب (الكشاف) التي كان مدخولها جزاء لشرط محذوف فيما قبلها، كذا قاله صدر الدين زادة في إيجاز في الحذف من الباب الثامن في (حاشية المطول)، وهو أي: الركوع دون الصف والمشي إليه يُجْزِئ أي: يكفي ولا يلزم أن يعيد إذا وصل إلى الصف، ولكن بشرط أن يقع ثلاث خطوات متواليات في ركن من أركان الصلاة، قوله: وأحب إلينا أن لا يفعل، إشعار بأن النهي في قوله:"لا تعد" نهي تنزيهي يقتضي كراهية في الصلاة، وقال أحمد والنخعي والحسن بن صالح: لا تصح الصلاة، واختاره ابن المنذر، لما روى أبو داود والترمذي (١) وحسنه عن وابصة بن معبد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلًا يصلي خلف الصف فأمره أن يعيد الصلاة، واستدل الجمهور بعدم فسادها بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكرة حين كبَّر وحده، ثم التحق بالصف:"زادك الله حرصًا ولا تعد" ولم يأمره بالإِعادة.
* * *
(١) أخرجه: أبو داود (٦٨٢)، والترمذي (٢٣٠)، وابن ماجه (١٠٠٤)، وأحمد (١٧٥٤١)، والدارمي (١٢٦٢)، وابن حبان (٢٢٠١)، وابن أبي شيبة (٢/ ٩٨)، والدارقطني (١/ ٣٦٢)، والشافعي في المسند (٨٥٧)، والطبراني في الكبير (٢٢/ ١٤١)، حديث (٣٧٤)، والبيهقي في الكبرى (٥٣٠٩).