مقدمًا فيهم وجيهًا، له رياسته تصرف قومه بها، قال سعيد بن زيد الباجي المالكي: فيه أن الإِمام يخصّ رؤساء الناس بزيارتهم في مجالسهم تأنيسًا لهم، فقال له أي: الرسول - صلى الله عليه وسلم -: بَشِير بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة، وسكون التحتية، وبعدها راء نقيض النذير، ابن سعد بن النُّعمان، وفي نسخة: ابن بشير أنصاري خزرجي شهد بدرًا وأحدًا والمشهور بعدها، ويقال له: أول من بايع أبا بكر الصديق من الأنصار، أمرنا الله تعالى في سورة الأحزاب بقوله:(ق ٢٩٧){يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب: ٥٦]، أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟ أي: فكيف باللفظ اللائق عليك بالصلاة، زاد الدارقطني: ونحن إذا صلينا عليك في صلاتنا، قال: أي: أبو مسعود: فَصَمَتَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي: فسكت زمانًا طويلًا، قال الزرقاني: يحتمل أن يكون سكوته حياءً أو تواضعًا إذ في ذلك رفعة له، فأحب أن لو قالوا أهم من ذلك. انتهى.
ويحتمل أن يكون سكوته انتظارًا إلى الوحي، وفيه أن من سئل عن أمر مشروع ينبغي له أن يجيب له بعد التأمل، وإن علمه؛ لئلا يقع في الخطأ وفي العجب، حتى تمنَّيْنَا أي: وددنا أنَّه لم يسأله، وليحيى: أنه لم يسأله، أي: كرهنا سؤاله مخافة أن يكون كرهه وشق عليه، ثم قال: وفي نسخة: فقال: "قولوا: للأمر للوجوب في العمر مرة واحدة اتفاقًا، وقيل: في تشهد تعقبه سلام، وقيل: كلما ذكر، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "رغم أنف رجل ذُكِرْتُ عنده فلم يصل عليَّ"، وعندنا يكفي أن يصلي مرة واحدة في أول سمعه، وإن صلى كلما سمعه فهي أفضل، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "جاءني جبريل عليه السلام، فقال: يا محمد لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صلى عليه سبعون ألف ملك، ومن صلت عليه الملائكة كان من أهل الجنة"، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "أكثركم عليَّ صلاة، أكثركم أزواجًا في الجنة"، رواه عبد الرحمن بن عوف، كذا أورده أبو عبد الله محمد بن سليمان الجزول في (دلائل الخيرات)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من كتب بيده قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان معي في الجنة"، كذا قاله البخاري في شرح (ألفية العراقي) في كتابه (الحديث)، وضبطه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "من صلى عليَّ في كتاب لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام اسمي في ذلك الكتاب"، كما قاله الإِمام الجزولي في (دلائل الخيرات). اللهم أي: الله صلِّ على محمد أي: اثني عليه ثناءً يليق به عند من مكرم عندك، وعلى آل محمد أي: أتباعه، كما صليت على إبراهيم أي: الخليل صلوات الله على نبينا وعليه.