٣٠٠ - أخبرنا مالك، حدثنا أبو الزِّنَادِ، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَثَل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القانت الذي لا يَفْتُر من صيام ولا صلاة، حتى يرجع".
• أخبرنا مالك، أي: ابن أنس بن عمير بن أبي عامر الأصبحي، من أتباع التابعين في الطبقة السابعة من أهل المدينة، وله تسعون سنة، كذا قاله بعض المؤرخين، حدثنا وفي نسخة: ثنا أبو الزِّنَادِ، بكسر الزاي، وتخفيف النون، عبد الله بن ذكوان، تابعي، في الطبقة الخامسة، عن الأعرج، أي: عبد الرحمن بن هرمز، ويكنى أبا داود المدني، مولى ربيعة بن الحارث، ثقة، ثبت عالم من الطبقة الرابعة، كما قال بعض أهل الطبقات، ومات سنة سبع عشرة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"مَثَل المجاهد في سبيل الله، قال سعيد بن زيد الباجي - من المالكية -: جميع أعمال البر في سبيل الله، إلا أن هذه اللفظة إذا طلعت في الشرع اقتضت الغزو إلى العدو، كمثل الصائم أي: نهاره، القانت أي: المعنى، (ق ٣٠٨) وليحيى كمثل الصائم الدائم، الذي لا يَفْتُر من باب نصر، أي: لا يمل ولا يكل من صيام ولا صلاة، حتى يرجع"، أي: من غزوه إلى وطنه، والمعنى أن له من الثواب على جهاده، مثل ثواب المستديم للصيام والصلاة لا يفتر منهما.
قال سعيد بن زيد الباجي - من المالكية -: وإنما أحال على ثواب الصائم والقائم، وإن كنا لا نعرف مقداره، كما قدر من الشرع من كثرته وغرق من عظمته، ذكره السيوطي، والحديث رواه الشيخان، والترمذي، والنسائي، عن أبي هريرة مرفوعًا، بلفظ:"مثل المجاهد في سبيل الله - والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام ولا صدقة حتى يرجع، وتوكل على الله للمجاهد في سبيل الله إن توفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالمًا مع أجر أو غنيمة"، و"أو" للتنويع لا للشك، كما لا يخفى، كذا قاله علي القاري.