وقال القاضي عياض: هذا تفخيم عظيم للجهاد؛ لأن الصائم وغيره مما ذكر في الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد، وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظب على الصلاة وغيرها، وفيه أن الفضائل لا تدرك بالقياس، وإنما هي إحسان من الله لمن شاء. انتهى.
* * *
٣٠١ - أخبرنا مالك، حدثنا أبو الزِّناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده: لَوَدِدْتُ أنْ أُقَاتِل في سبيل الله فأُقْتَل، ثم أحْيا فَأُقْتَل، ثم أُحْيا فأُقْتَل"، فكان أبو هريرة يقول ثلاثًا: أُشهدُ الله.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا وفي نسخة: بنا، رمزًا إلى أخبرنا أبو الزِّناد، بكسر الزاي، وفتح النون المخففة والألف والدال المهملة، أي: عبد الله بن ذكوان تابعي في الطبقة الخامسة، عن الأعرج، أي: عبد الرحمن بن هرمز، من كبار التابعين، ويكنى أبا داود المازني مولى ربيعة بن الحارث، ثبت، ثقة، عالم من الطبقة الرابعة، عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، أي: أقسم بالذي ذاتي أو روحي بقبضة قدرته لَوَدِدْتُ بكسر الدال الأولى وسكون الثانية، أي: تمنيت وأحببت أنْ أُقَاتِل بصيغة المفاعلة في سَبيل الله فأُقْتَل، بصيغة المجهول، وكذا ثم أحْيا بضم الهمزة وسكون المهملة وفتح التحتية، وبعدها ألف مقصورة، فَأُقْتَل، ثم أُحْيا فأُقْتَل، ثم أُحْيا فأُقْتَل"، والتمني له بالقصد حصول أجر الشهادة، ثم الأحسن حمل "ثم" هنا للتراخي في الرتبة؛ لأن التمني حصول رتبة بعد رتبة إلى أن ينتهي إلى الفردوس الأعلى، فكان أبو هريرة يقول ثلاثًا: أُشهدُ الله، وفي نسخة: بالله، أي: والله لقد قال ما ذكر، يعني كرر النبي - صلى الله عليه وسلم - القتل ثلاث مرات، فالعامل في ثلاث قال المحذوف، والمعنى كان أبو هريرة يقول: أشهد الله ثلاث مرات، فالعامل فيه يقول.
وأول الحديث ما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده، لولا أن رجالًا من المؤمنين أن يتخلفوا عني ولا أجد