للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسكون النون المخففة من الثقيلة، وضمير الشأن محذوف، وفي نسخة: إني بكسر الهمزة والنون المشددة المكسورة، والياء للمتكلم، كنت لأرجو بفتح اللام جواب القسم، أي: والله لتمنيت أن تكون أي: إلي شهيدًا، أي: أن تصير من الشهداء في سبيل الله، فلا تموت فوق الفراش؛ فإنهم كانوا يعدون هذا نقصًا، أو لأنه قد تهيأ للبروز، ويدل عليه قولها: فإنك قد كنت قضيت جهازَك" بفتح الجيم وبكسر أي: هيأت ما بعده الرجل من السلاح للسفر، ومنه قوله تعالى في سورة يوسف: {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ} [يوسف: ٧٠] , قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى قد أوْقَعَ أجره أي: أوجب ثواب غزوته على قدر نيته، أي: ولو كان هو في بيته {مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: ١٠٠].

وفي الحديث إيماء إلى أن نية الخروج كافية في تحصيل الأجر، كما يُستفاد من قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى"، رواه البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ثم قال: وما تعدّون الشهادة؟ أي: أي الصفة التي تحسبونها وتعتبرونها عندكم شهادة، وينال بها المؤمن رتبة الشهداء؟ قال الطيبي: و"ما" هنا استفهامية يسأل بها عن وصف من له كرامة، وقربة عند الله تعالى، كما قال الله تعالى في سورة آل عمران: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (ق ٣١١) الآية [آل عمران: ١٦٩]، محلها نصب على أنها مفعول أول لتعدون، بمعنى تحسبون وتظنون قدم على علله لصدارته، ومفعوله الثاني الشهادة، قالوا: القتلُ أي: بنصب القتل على تقدير: نعد القتل، ويجوز رفعه تقديره: الصفة التي نعدها شهادة، وهي القتل في سبيل الله، أي: الجهاد فقط، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الشهادة أي: الحكمية التي ينال بها المؤمن في الآخرة كرامات كثيرة، لكرامات الشهيد الحقيقي من أن ريح دمهم كريح المسك سبع: سوى القتل في سبيل الله: وفي رواية أبي هريرة رضي الله عنه: الشهداء خمسة، وما بينهما تعارض، والجواب عنه: الوعد بالأكثر متأخر من الأول، والوعيد خلافه، وإنما استثنى - صلى الله عليه وسلم - القتل في سبيل الله عن الشهيد الحكمي اعتناءٌ لشأن الشهيد الحقيقي من الشهيد الحكمي: المطعون شهيدٌ، وهو من يموت من الطاعون. روى الطبراني عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فناء أمتي بالطعن والطاعون"، قالوا: يا رسول الله، هذا الطعن - وهو التعوذ إلى طرف آخر قد عرفناه، وما الطاعون؟

<<  <  ج: ص:  >  >>