وقيل: المراد أن يتراموا بالسهام، وأنه خرج مخرج المبالغة في الكلام تحريضًا على التوسل بالمراد، ويؤيده خبر لتجالدوا عليه بالسيوف وضمير عليه، إلى ما ذكر من الأمرين.
وقيل: الضمير للصف الأول؛ لأنه أقرب مذكور، ويدل على ما قبله بالقياس المشهور، ونظيره قوله تعالى في سورة التوبة:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا}[التوبة: ٣٤]، وقال الحافظ ابن حجر: وقد رواه عبد الرزاق عن مالك بلفظ لاستهموا عليهما، وهو مفصح بالمراد، ولو يعلمون أي: الناس ما في التهجير وهو التبكير إلى الصلاة، أي صلاة كانت، كما قاله الهروي وغيره، وخصه الخليل بالجمعة.
وقال النووي: الصواب الأول، وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: التهجير التبكير إلى الصلاة في الهاجرة، وذلك لا يكون إلا في الظهر والجمعة، قلت: ولا يبعد أن يكون تجريد في الكلام؛ إذ العموم يسبق إلى الأفهام في هذا المقام، لا سيما والمبادرة إلى الطاعة مطلوبة على الدوام، لاستبقوا إليه، أي: لأنه من جملة المتكبرات، وقد قال تعالى في سورة البقرة:{فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ}[البقرة: ١٤٨]، وقال ابن أبي جمرة: المراد الاستباق معنى لا حسًا؛ لأن المسابقة على الأقدام حسًا يقتضي السرعة فيِ المشي وهو ممنوع منه، قلت: المقصود المبالغة، كما قال تعالى في سورة الجمعة:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩]، والقدر المهني مستثنى منه، ولو يعلمون أي: الناس ما في العَتَمَة أي: صلاة العشاء والصبح أي: في حضورهما من الفضل، لأَتوْهُما ولم يلتفتوا إلى عذر مانع منهما، ولو وصلية حَبْوًا". بفتح الحاء المهملة وسكون الموحدة، والواو مصدر حبا يحبوا إذا مشى الرجل على يديه وبطنه، والصبي يمشي على استه، وأشرف بصدره، وخصهما بالذكر؛ لأن السعي إليهما أشق من غيرهما، لما فيه من تنقيص أول النوم وآخره؛ ولأنه من أفعال الموافقين بخلاف أحوال المنافقين، هذا.
وقال النووي: قد ثبت النهي عن تسمية العشاء عتمة، والجواب عن هذا الحديث من وجهين: أحدهما: أن هذه التسمية بيان للجواز، وأن ذلك النهي ليس للتحريم، وثانيهما: وهو الأظهر أن استعمال العتمة هنا لمصلحة ونفي مفسدة؛ لأن العرب يستعمل لفظ العشاء في المغرب، فلو قال: ما في العشاء لحملوها على المغرب وفسد المعنى وفات المطلوب. انتهى.