وأدناها إماطة الأذى عن الطريق" (١) والله ولي التوفيق، وقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - أو أبو هريرة مرفوعًا: "الشهداءُ أي: الحكمي مثوبة في الآخرة: خمسة، أي: خمسة نفر أو أنواع، الحصر إضافي باعتبار المذكور هنا، وإلا فقد عد جميع الشهداء التي وردت في أخبار بلغت نحو الثلاثين، المبطون شهيد، قال ابن عبد البر: هو صاحب الإِسهال، وقال في (النهاية): هو الذي يموت بمرض في بطنه كالاستسقاء ونحوه، والمطعون شهيد، أي: الذي يموت بالطاعون، عن عتبة بن عبد السلمي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"تأتي الشهداء والمتوفون بالطاعون يوم القيامة إلى رب العالمين، فيقول أصحاب الطاعون - أي: الذين يموتون بالطاعون: نحن الشهداء، فيُقال من طرف الله تعالى للملائكة: انظروا أيها الملائكة إلى جراحهم، فإن كان جراحهم كجراح الشهداء تسيل دمًا كريح المسك فهم شهداء؛ فيجد لهم الملائكة دماءهم كالمسك الأزفر فيلتحقون بشهداء المعركة في الثواب والكرامة"، والغريق شهيد، كذا في نسخة، وهو أي: الغريق بالياء بعد الراء الذي يموت مغروقًا بغير ياء غرق، وصاحب الهدم شهيد، بفتح الهاء وسكون الدال اسم الفعل، والهدم بالكسر أي: بكسر الدال الميت تحت الهدم، (ق ٣١٤) وبفتحها ما يهدم، والشهيد في سبيل الله"؛ أي: خامسهم المقتولون في المعركة، وهذه الرواية لا تعارض بالرواية السابقة؛ لأن التخصيص بالعدد لا يدل على نفي الزائد، كذا قلنا في (توضيح الأسرار شرح بركات الأبرار)، فاطلب تفصيله هناك إن شئت.
قال علي القاري: وخطر ببالي أن موت العالم شهادة بشهادة قوله - صلى الله عليه وسلم -: "يوزن مداد العلماء بدماء الشهداء فيرجح مداد العلماء"، وقال: أي: النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لو يَعْلَمُ الناس وقال الطيبي: وضع المضارع موضع الماضي لتعذر استمرار العلم، ذكره السيوطي، والظاهر أن المضارع على حاله، وأن المعنى لو فرض أنهم يعلمون ما في النِّداء من الخير والبركة، والمراد بالنداء الأذان والإِقامة، كما في الرواية، والصفِّ الأوّلِ أي: ما فيه من الفضل والرحمة، ثم لم يجدوا أي: حصول كل منهما للمزاحمة فيهما بوجه، إلا أن يَسْتَهِموا أي: يقترعوا عليه لَاسْتَهَمُوا، يعني: لو يسامحوا ولم يساهلوا لأجلهم.