للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالتصغير ابن عبد الرحمن، أي: ابن عوف الزهري المدني، ثقة، وكان من كبار التابعين، ومن الطبقة الثانية، مات سنة خمس ومائة، كذا قاله المؤرخون، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، بكسر المهملة بغير ياء، هو الصواب، وليحيى عن عبد الرحمن بن عمرو بن العاص بالياء، وهو وهم، كذا قاله علي القاري، وهو الصحابي ابن الصحابي، كذا قاله الزرقاني، أنه قال: الميت يقمَّص ويُؤزَّر بصيغة المجهول من باب التفعيل فيهما، أي: يلبس القميص والإِزار، وهو: أي: القميص ثوب يحمل من أصل عنق الميت إلى قدمه بلا دِخْرِيص (١) ولا جيب ولا كمين، والإِزار هو من القرن إلى القدم، ويُلفُّ بصيغة المفعول من اللف بالثوب الثالث، وهو: أي: الثالث للميت، يقال له: لفافة، وهي أيضًا من القرن إلى القدم، هذه الثلاثة من الثوب سنة الكفن للرجل إذا وجدت، لما روى أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كُفِّنَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثلاثة أثواب نجرانية، الحلة ثوبان وقميصه الذي مات فيه (٢)، وحلة نجرانية، قال أبو عبيد: الحلة إزار ورداء، ولا يكون الحلة إلا من ثوبين، وروى محمد عن أبي حنيفة عن حماد (ق ٣١٨) عن إبراهيم النخعي مرسلًا أنه - صلى الله عليه وسلم - كفن في حلة يمانية وقميص، يعني: إن كان المال المتروك كثيرًا والورثة قليلًا فالكفن للرجال على السنة ثلاثة أثواب، كما مر آنفًا، وللنساء على السنة، خمسة أثواب قميص وإزار ولفافة وخمار لوجهها ورأسها، وخرقة لربط ثديها وعرض الخرقة لما بين الثدي إلى السرة، وقيل: إن الركبة كيلا ينشر الكفن، فإن لم يكن وفي نسخة بالواو، ولكن الفاء أولى كما في (الموطأ)، ولمالك؛ لأن المقام يقتضي بالفاء التعقيبية، ويجوز أن تكون عاطفة بمقدر قدرناه بقولنا، يعني: إن كان المال المتروك كثيرًا يعني: إن لم يوجد إلا ثوب واحد كُفِّنَ أي: الرجل فيه، أي: في ثوب واحد، وتُكفن المرأة على الكفاية في ثلاثة أثواب: خمار وخرقة ولفافة للضرورة إن كان المال المتروك قليلًا والورثة كثيرة، وهنا الحديث موقوف حقيقة مرفوع حكمًا.

قال محمد الغزالي في (درة الفاخرة): إذا قيض الملك نفسًا سعيدة تناولها ملكان حسنان الوجوه عليهما أثواب حسنة، ولها رائحة طيبة، فيلقيانها في حريرة من حرير الجنة، ويعرجان بها في الهواء، فلا تزال تمر بالأمم السالفة القرون الخالية أي: الماضية،


(١) هو ما يوصل به البدن لوسعه.
(٢) أخرجه: أبو داود (٣١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>