للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأمثال الجراد المنتشرة، حتى تنتهي إلى السماء الدنيا، ثم من السماء إلى السماء السابعة، ثم يصعدانها إلى سدرة المنتهى، ثم يمرانها في بحر من نور، ثم في بحر من ظلمة، ثم بحر من ماء، ثم من بحر من ثلج، ثم من بحر من برد، وهو بفتح الموحدة والراء المهملة المفتوحة والدال حب الغمام، كل بحر طوله ألف عام، حتى ينتهيان بها إلى الحُجُب المضروبة على عرش الرحمن، وهو ثمانية آلاف سرادق، بضم السين المهملة والراء والألف وكسر الدال المهملة والقاف حجب، ويقال له بالتركي: بردة، فحينئذ ينادي منادٍ من وراء الحُجُب من الحضرة القدسية: من هذه النفس التي جئنا بها فيقال: فلان بن فلان، فيقول الجليل جل جلاله: قربا بها فنعم العبد هو، فإذا وقف العبد بين يديه خجل ببعض اللوم والمعاتبة حتى تظن أنها هالكة ثم يعف عنها سبحانه وتعالى، ثم قال لها: سيرا بها وتزيا بها (١) مقعده من الجنة، فيسيران بها في الجنة على قدر ما يغسل الميت، فإذا غسل وكفن ردت وأدرجت بين كفنه وجسده - على قول - فإذا حمل على النعش فإنه يسمع كلام من تكلم بخير، ومن تكلم بشر، فإذا وصل إلى قبره رد فيه الروح، ودخل عليه الملكان - أي المنكران - والنكيران فيسألانه عن ربه ودينه ونبيه، فيقول: ربي الله، وديني الإِسلام، ونبيي محمد - صلى الله عليه وسلم -.

قال محمد: وبهذا أي: بقول عبد الله بن عمرو بن العاص، نأْخذ، أي: نعمل ونفتي، الإِزار مبتدأ وخبره جملة، أن يجعل بصيغة المجهول، لفافة منصوب بنزع الخافض أي: كلفافة مثل الثَّوْب الآخر؛ وهو لدفع التوهم تولد من قوله: لفافة كأنه توهم، (ق ٣١٩) أن الإِزار يقوم مقام اللفافة، فيكون الكفن على السنة للرجال ثوبين: قميص وإزار في الطول، أحَبّ إلينا من أن يُؤزَّر أي: من أن يشد وسط الميت كالإِزار، وهو أي: الإِزار في اللغة ثوب يشد بالنصف الأسفل من الإِنسان، ولا يعجبنا من الإِعجاب، أي: ما حسن لنا، أن يُنْقَص بصيغة المجهول الميت مرفوع على أنه نائب الفاعل لينقص، يعني: لا ينبغي لنا أن ننقص في كفنه من ثوبين؛ إلا من ضرورة، أي: لأجل الضرورة، وهو أي: نقص كفن الميت من الثوبين لأجل الضرورة، وهو قول أبي حنيفة، رحمه الله.

وذكر في (فتاوى البزازية) عن الإِمام الصفار: لو كتب على جبهة الميت أو كفنه الذي على صدره عهدنا من يرجى أن يغفر الله للميت، وهو أن يكتب: "اللهم فاطر


(١) كذا في المتن، وهي غير واضحة، ولعل المذكور هو الأنسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>