للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواء، ولا أحد أعلم أكره ذلك؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: "من شيَّع جنازة وصلى عليها كان له قيراط من الأجر، ومن قعد حتى تُدفن كان له قيراطان، والقيراط كأُحد" (١)، ولا يقول أحد: إن ذلك على الإِباحة، وإنما الخلاف على المشي أمامها مشروع، وهو قول الأئمة الثلاثة، وعلله بعض المالكية بأن الناس شفعاء والشفيع يمشي بين يدي المشفوع له، أو ممنوع، والسنة المشي خلفها، وبه قال أبو حنيفة، هَلُمَّ جرَّا؛ يعني: أن الخلفاء يمشون أمام الجنازة واحدًا بعد واحد، في حين خلافته، قال ابن الأنباري: معناه ساروا على هنيتهم وثبتوا في سيرهم، لا يجدون أنفسهم في مشيهم معًا، وهو مأخوذ من الجر، وهو أن يترك الإِبل والغنم ترعى في اليسر، وقال في نصب جر: على أنه مصدر في موضع الحال، والتقدير: هلم جارين، أي: مشيشين أو على المصدر؛ لأنه في هلم معنى جر، فكأنه قيل: جروا جرًا، أو على التمييز، وابن عمر، أي: كان ابن عمر رضي الله عنهما يمشي أمام الجنازة، وهذا يدل على أن المشي أمامها مشروع، كما كان في خلفها، كذا قاله الزرقاني (٢).

* * *

٣٠٨ - أخبرنا مالك، حدثنا محمد بن المُنْكَدِر، عن ربيعة عن عبد الله بن الهُدَيْرِ، أنه رأى عمر بن الخطاب يَقْدُمُ الناس أمام جنازة زينب ابنة جحْش.

قال محمد: المشي أمامها حَسَنٌ، والمشي خلفها أفضل؛ وهو قولُ أبي حنيفة.

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: حدثنا، وفي نسخة: قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا محمد بن المُنْكَدِر، أي: ابن عبد الله بن الهدير، بالتصغير التيمي، يُكنى أبا عبد الله، المدني، تابعي ثقة، من الطبقة الرابعة من أهل المدينة، مات سنة ثلاثين ومائة أو بعدها، دخل المنكدر على عائشة رضي الله عنها فشكا إليها الحاجة، فقالت: أدنى شيء يأتيني أبعث به إليك، فجاءها عشرة آلاف درهم، فقالت: ما أسرع ما امتحنتِ به يا


(١) أخرجه: البخاري (١٣٢٥)، ومسلم (٩٤٥).
(٢) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٧٧).
(٣٠٨) صحيح، أخرجه: مالك (٥١٤)، والشافعي في المسند (١٦٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>