وروى أحمد وأبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة وابن حبان عن كعب بن عجرة مرفوعًا، ولفظه:"إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى المسجد فلا يشبكن بين يديه فإنه في صلاة"، وأنه بفتح الهمزة وكسرها، أي: الشأن تُكْتَبُ له بإحدى خُطْوَتَيْه بضم الخاء إلى ما بين القدمين، وبالفتح المرة، قال الجوهري: وجزم اليعمري أنها هنا بالفتح، وضبطها القرطبي والحافظ بالضم وهي اليمنى، حسنة، وتُمحى عنه بالأُخرى أي: بالخطوة اليسرى سيئة، أي: من الصغائر، ويرجى من الكبائر. وفي معناه ما رواه الطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عمر:"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا ينزعه إلا الصلاة لم يزل رجله اليسرى يمحي عنه سيئة، ويكتب له اليمنى حسنة حتى يدخل المسجد، ولو يعلم الناس ما في العتماء والصبح لأتوها ولو حبوًا"، وهو بفتح الحاء المهملة وسكون الباء الموحدة، والواو بعدها: الانتقال على الألية كما يمشي الصبيان على ألاياهم إذا لم يقدروا المشي على أرجلهم، قال الباجي: يحتمل أن للحط حكمين: فتكتب له ببعضها حسنات، ويمحى عنه ببعضها سيئات، وأن حكم زيادة الحسنات غير حكم محو السيئات، وهذا ظاهر اللفظ، ولذلك فرق بينهما، وذكر قوم أن معنى ذلك واحد، وأن كتب الحسنات هو بعينه محو السيئات. انتهى.
قال غيره في تكفير السيئات مع رفع الدرجات؛ لأنه قد يجمع في العمل سيئات أحدهما واقع، والآخر مكفر كل منها باعتبار فلا إشكال فيه ولا تأويل كما ظن، وفيه إشعار بأن هذا الجزاء للماشي لا للراكب، أي: بلا عذر، وذكر رجليه غالبي، فبدلها في حق فاقدها مثلها. وروى أبو داود والبيهقي عن سعيد بن المسيب عن بعض الأنصار سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع (ق ٢٤) قدمه اليسرى إلا حطَّ الله عز وجل سيئة، فليقرب أحدكم أو ليبعد"(١).
قال العراقي: خص تحصيل الحسنة باليمنى لشرف جهة اليمنى وحكمة ترتب الحسنة على رفعها حصول رفع الدرجة بها، وحكمة ترتب حط السيئة على وضع اليسرى مناسبة الحط للوضع، فلم يرتب حط السيئة على رفع اليسرى كما فعل في
(١) أخرجه: أبو داود (٥٦٣)، وفيه معبد بن هرمز: مجهول.