للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا وضعت أي: الجنازة للصلاة كبرت، أي: التكبيرة الأولى، فحمدتَ الله أي: أثنيت عليه جل جلاله، أو قلت: "سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك"، وصليت على نبيه، أي: تعالى بعد التكبيرة الثانية، ثم أي: بعد التكبيرة الثالثة قلت: اللهم أي: يا الله؛ لأن أصله يا الله، فحذف ياء النداء من أوله؛ لئلا يجتمع الحرفان اللتان تقتضيان الصدارة الياء والألف، فأُلحق (ق ٣٢٦) في آخره الميم المشددة عوضًا عنها، فصار: اللهم هذا عبدك كذا في نسخة، وابن عبدك وابن أمتك، أي: جاريتك ولم يوجد في أكثر النسخ لفظ "هذا"، وفيه طلب زيادة الرحمة والعفو عن ذنوب عبده، فإن شأن الكرام الإِعراض عن ذنوب عبيدهم والإِكرام منه عز وجل، كان أي: هذا العبد في دار الدنيا، يشهد أي: يعلم ويتيقن أن لا إله أي: لا معبود بالحق من غيرك، إلا أنت، معبود بالحق، وفي نسخة: وحدك لا شريك لك، أي: أنت واحد في ذاتك؛ لا من طريق العدد، ولكن عن طريق أنك لا شريك لك في صفتك السرمدية، وأن محمدًا عبدك ورسولك، وقد وعدت من يشهد ذلك الجنة، وعدك الحق فمن كان عفوك لا تعذبه، وأنت أعلم به، أي: منا أنه كان مخلصًا, أم لا, إن كان, وفي رواية ليحيى الليثي: اللهم إن كان مُحْسِنًا أي: مؤمنًا صالحًا، وفي نسخة: فإن كان بالفاء فَزِدْ في إحسانه، أي: ضاعف حسناته وثوابه، وإن كان مُسِيئًا أي: خاطئا في أعماله الظاهرة ومؤمنًا بقلبه، فتجاوز عنه، أي: فيما صدر عنه من سيئاته فلا تؤاخذه، اللهم أي: يا الله، لا تحرمنا بفتح التاء الفوقية وسكون الحاء المهملة وكسر الراء أجْرَهُ، أي: لا تجعلنا محرومين من أجر الصلوات عليه، وشهود جنازته، أو أجر المصيبة بموته، فإن المؤمن مصاب بأخيه المؤمن، ولا تَفْتِنَّا بكسر التاء الثانية، وتشديد النون، أي: ولا توقعنا في الفتنة، بعده، أي: بعد فراقه عنا، أي: لا تجعلنا مفتونين بما يشغلنا عنك، فإن كل شاغل عن الله تعالى فتنة، وفيه أن المصلي له أن يشرك نفسه في الدعاء بما شاء، فهاتان الدعوتان للمصلي لا للميت.

قال محمد: وبهذا أي: بخبر أبا هريرة رضي الله عنه نأخذ، أي: نعمل ونفتي بأن صلاة الجنازة فرض كفاية على الأحياء لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلوا على صاحبكم" (١)، يعني:


(١) أخرجه: البخاري (٢٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>