للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيَّب، أي: ابن حزن، يُكنى أبا محمد، تابعي مدني في الطبقة الأولى من أهل المدينة، وهو ابن أربع وثمانين سنة، قال سعيد بن المسيب: ما بقي أحدًا أعلم بقضاء قضاهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما مني، وما كان إنسان يجترئ عليه يسأله عن شيء حتى يستأذن الأمير، يسأله الرجل وهو مريض عن حديث، وكان مضطجعًا فجلس فحدثه، فقال له الرجل: وددت أنك لم تتعب، فقال: إني كرهتُ أن أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجع، وقال: لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا بالإِنكار من قلوبكم، لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة، وكان يسرد الصوم، وعن بريد مولاه قال: ما نُودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد بن المسيب في المسجد، وصلى الغداة بوضوء العشاء خمسين سنة، قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله تعالى، ولا أهانتها بمثل معصية الله تعالى، وكفى بالمؤمن نصرة من الله تعالى أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله تعالى، وقال: من استغنى بالله افتقر إليه الناس، وقال: إن الدنيا نزلة، فهي إلى كل نزلة أميل، وأنزل منها من أخذها بغير حقها، أو طلبها بغير وجهها، ووضعها في غير سبيلها.

وقال: ما من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا فيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه، من كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله، وكان قد ذهبت إحدى عينيه وهو يعيش بالأخرى، وقال: ما من شيء عندي أخوف من النساء، وما يلبس الشيطان من شيء إلا أتاه من قِبَل النساء، وكان عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم يقول: ما كان بالمدينة عالم إلا يأتيني بعلمه، (ق ٣٣٢) وأُوتي بما عند ابن المسيب، كذا قاله عبد الرحمن بن الجوزي من علماء الحنبلية في (طبقاته) (١).

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نَعَى أي: أخبر الناس بموت النَّجَاشِيّ بفتح النون على المشهور، وقيل: تكسر وتخفيف الجيم المفتوحة والألف وأخطأ من شددهما، وبتشديد التحتية في آخره، وحكى المطرزي التخفيف ورجحه الصغاني، وهو: أي النجاشي لقب لكل من ملك الحبشة، واسمه أصحمة بن أبجر مالك الحبشة، أسلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يهاجر إليه، وكان ردءًا للمسلمين، نافعًا، وأصحمة بوزن أربعة، وحاؤه مهملة، وقيل: بموحدة بدل الميم وقيل: صحمة بلا ألف ومعناه بالعربية عطية، كذا نقله الزرقاني عن (الإِصابة) من (الطبقات) لابن حجر، وفي (فتح


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>