للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدير): نزل جبريل عليه السلام فقال: يا رسول الله، إن الحبشة يكتم إسلامه من قومه الكفار، أتحب أن طوى تلك الأرض فتصلي عليه؟ قال: "نعم"، فضرب بجناحه الأرض فرفع له سريره، فصلى عليه، وخلفه صفان من الملائكة، وفي كل صف سبعون ألف ملك، ثم رجع فقال لجبريل عليه السلام: بم أدرك هذه الكرامة؟ قال: "بحبه سورة الإخلاص، وقراءته إياها جائيًا وذاهبًا، قائمًا وقاعدًا"، وعلى كل حال كما نقله الشرنبلالي في (إمداد المفتاح) عن (فتح القدير)، في اليوم الذي مات فيه، أي: كان إخبار جبريل بموت النجاشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يوم من رجب سنة تسع من الهجرة، كذا قاله ابن جرير وجماعة، وقيل: كان قبل الفتح ففيه جواز الإِعلام بالجنازة ليجتمع الناس للصلاة.

وفي حديث: "مَنْ صلى على جنازة كان له من الأجر كذا ... "، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يموت أحد من المسلمين، فيصلي عليه أمة من الناس يبلغون مائة فيشفعون له إلا شُفِّعُوا"، وفيه دليل على الإِباحة وشهود الجنازة خير والدعاء إلى الخير خير إجماعًا، كذا قاله ابن عبد البر، وقال ابن العربي: يُؤخذ من مجموع الأحاديث ثلاث حالات:

الأول: إعلام الأهل والأصحاب وأهل الصلاح، فهذا سُنَّة.

والثانية: دعوة الجُعْل للمفاخرة فهذا يكره.

والثالثة: الإِعلام بالنياحة ونحوه فهذا يحرم. وفي البخاري عن عقيل وصالح بن كيسان عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة: نعى لنا النجاشي يوم مات، فقال: "استغفروا لأخيكم"، وخرج بهم أي: بأصحابه إلى المصلّى أي: إلى موضع صلاة الجنازة، وقال ابن حجر في (الإِصابة): جاء من طريق زمعة بن صالح عن الزهري عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه قال: أصبحنا ذات يوم عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاه جبريل فقال: إن أخاك أصحمة النجاشي قد تُوفي فصلوا عليه، فوثب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ووثبنا معه حتى جاء المصلى، فصف بهم، الباء بمعنى مع، أي: صف معهم أو هو متعدٍ والباء زائدة للتأكيد، أي: صفهم؛ لأن الظاهر أن الإِمام متقدم، فلا يوصف بأنه صاف معهم الأعلى، (ق ٣٣٣) المعنى الآخر ولم يذكر كم صفهم. وفي النسائي عن جابر: كنتُ في الصف الثاني يوم صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - على النجاشي (١)، وفيه أنه


(١) أخرجه: البخاري (١٣١٧)، والنسائي (١٩٧٤)، وأحمد (١٤٥٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>