رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة - أي: بين أهل الموقف - وعليها سربال - أي: قميص - من قطران، ودرع من جرب"، فإنَّ الميت يُعَذَّب على صيغة المجهول، ببكاءِ أهله أي: أتباعه عليه، قيل: هذا محمول على ما إذا أوحى لأهله أن يبكوا عليه، ويشقوا ثيابهم، ويضربوا خدودهم، كما كان يفعل أهل الجاهلية، فيكون آمرًا بالمعصية وراضيًا بها؛ لأن الله تعالى قال في سورة الإِسراء:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الإسراء: ١٥]، وهذا الحديث موقوف حقيقة، ومرفوع حكمًا.
* * *
٣٢٠ - أخبرنا مالك، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، عن عَمْرة بنت عبد الرحمن، أنها أَخْبَرَتْهُ، أنها سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذُكِرَ لها أن عبد الله بن عمر يقول: إنَّ المَيِّتَ لَيُعَذَّب ببكاءِ الحيِّ، فقالت عائشة: يغفر الله لابن عمر: أما إنه لم يكذب، ولكنه قد نَسِي أو أخطأ، إنما مَرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جنازة يُبْكَى عليها، فقال:"إنهم لَيَبْكُونَ عليها، وإنها لَتُعَذَّب في قبرها".
قال محمد: وبقول عائشة نأخذ، وهو قولُ أبي حنيفة.
• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، حدثنا عبد الله بن أبي بكر، أي: ابن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، المدني القاضي، ثقة من الطبقة الخامسة، مات سنة خمس وثلاثين وهو ابن سبعين سنة، كذا قاله ابن حجر في (التقريب)، عن أبيه، أي: أبي بكر، عن عَمْرة بفتح العين المهملة وسكون الميم وفتح الراء المهملة، وفي آخره تاء التأنيث، وهي كانت في حجر عائشة وربتها، بنت عبد الرحمن، أي: ابن سعد بن زرارة أنها أي: عمرة أَخْبَرَتْهُ أي: أبا بكر أبا عبد الله، أنها أي: قالت عمرة: سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وذُكِرَ لها أي: والحال أنه قد ذكر الناس لعائشة رضي الله عنها أن