للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه محمول على أنه كان تمام حول المال، كمن يحتاج إلى نقل نفي رواية البيهقي المذكورة على الزهري، ولم يسم السائب الشهر ولم أسأله عنه، شهر زكاتكم، لعلمه كان آخر حولهم أن لا تجب قبل حولانه، لما روى أبو داود عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارًا وحال عليها الحول، ففيها نصف دينار، فما زاد فبحساب ذلك"، قال: فلا أدري أعلي يقول بحساب ذلك أو رفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليس في مال زكاة حتى حال الحول عليه. قال النووي: حديث صحيح حسن، وقال الفقهاء: الزكاة هي: تمليك مال مخصوص لشخص مخصوص فرضت على حر مسلم مكلف مالك بنصاب من نقد، ولو تبرًا أو صليًا، أو آنية، أو ما يساوي قيمته من عروض تجارة، فارع عن الدين وعن حاجته الأصلية، كذا قاله التمرتاشي وغيره، ولذلك قال المصنف: فَمَنْ كان عليه دَيْنٌ أي: من حقوق العباد، فليُؤَدِّ دَيْنَهُ، أي: أولًا حتى تَحْصُلَ أموالُكم أي: محضة لكم، فتُؤدُّوا منها أي: من بقايا أموالكم بعد أداء دينكم الزكاة، أي: من جميع أموالكم؛ لأن ما قابل الدين لا زكاة فيه.

قال محمد: وبهذا أي: بقول السائب بن يزيد نأخذ، أي: نعمل ونُفتي، مَنْ كان عليه دَيْنٌ، أي: حال أو مؤجل بأصالة أو كفالة، ولد مالٌ أي: زائد على الدين، فليدفع دَيْنَهُ من ماله، أي: فليحسب حساب أدائه، فإن بقي بعد ذلك أي: بعد أداء دينه ما يجب فيه الزكاة أي: بأن يكون قدره نصابًا أو أكثر، ففيه زكاة، وتِلْكَ أي: الفضلة التي تجب فيها الزكاة، مائتا درهم أي: من الفضة، أو عشرونَ مِثْقالًا ذهبًا أي: سواء يكون مضروبين أم لا، لما في الصحيحين في حديث أبي سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس مما دون خمس أواق صدقة"، والأواق: بضم الهمزة وفتح الواو والألف والقاف بعدها، جمع أوقية بضم الهمزة وسكون الواو وكسر القاف وتشديد الياء التحتية المفتوحة والتاء الفوقية أربعون درهمًا، فصاعدًا أي: فزائد على النصابين، وإن كان الذي بقي أي: بعد دفع الدين أقَلَّ من ذلك أي: مما ذكر من أحد النصابين، بعد ما يدفع من ماله الدَّين، أي: بقدر مقدور فليست فيه أي: فيما بقي منه، الزكاة، وهو أي: المذكور قولُ أبي حنيفة، رحمه الله.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>