للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتفق على أنه لو غمس يده تضر الماء كما قاله الزرقاني.

وحُكِي أن رجلًا سقيم الاعتقاد (ق ٢٦)، سمع هذا الحديث فقال: أنا أدري أين باتت يدي، فلما كان من الليلة الثانية استيقظ من نومه وجد يده في دبره إلى رسغه، والحديث رواه مالك والشافعي، وأصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة، رضي الله عنه بلفظ: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثًا، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده"، قاله علي القاري.

وقال البيضاوي: فيه إيماء عن أن الباعث على الأمر بذلك احتمال النجاسة؛ لأن الشارع إذا ذكر حكمًا وعقبه بعلة، دلت على أن ثبوت الحكم لأجلها، ومثله قوله في حديث المحرم الذي سقط ومات: "فإنه يبعث ملبيًا"، بعد نهيهم عن تطيبه فنبه على علة النهي وهي كونه محرمًا.

وعبارة الشيخ أكمل الدين: إذا ذكر الشارع حكمًا وعقبه أمرًا مصدرًا بالفاء، وكان ذلك إيماءً إلى ثبوت الحكم لأجله، نظيره "الهرة ليست نجسة فإنها من الطوافين عليكم والطوافات" (١)، واستشكل هذا التركيب بأن التقاء الدراية لا يتعلق بلفظ أين باتت يده، ولا بمعناه الاستفهام، ولا يقال: لا يدري الاستفهام، وأجيب بأن معناه لا يدري تعيين الموضع الذي باتت يده فيه، ففيه مضاف محذوف وليس استفهامًا وإن كان على صورته، كما قاله الزرقاني.

قال محمد: هذا أي: الأمر المستفاد من لفظ فليغتسل، حسن، أي: أمر مستحسن، وهكذا، أي: مثل كون الأمر الاستحباب، ينبغي أن يفعل، على صيغة المفعول، أي: على طريق السنة، وليس، أي: هذا الأمر، من الأمر الواجب أي: الاعتقادي أو العملي الذي إن تركه، أي: المأمور عليه، تارك عمدًا، فهو أثم، على صيغة الماضي جواب الشرط، وفي نسخة: يأثم على صيغة المضارع، وهو أي: كون الأمر للإِباحة قول أبي حنيفة وسائر الفقهاء الهمام.


(١) أخرجه: أبو داود (٧٥)، والترمذي (٩٢)، والنسائي (٦٨) (٣٤٠)، وابن ماجه (٣٦٧)، وأحمد (٢٢٠٢٢)، والدارمي (٧٣٦)، ومالك (٤٤)، وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>