نسخة: عن عبد الله بن دينار، أي: العدوي، مولاهم، يُكنى أبا عبد الرحمن، المدني التابعي، مولى ابن عمر، ثقة، كان من الطبقة الرابعة من أهل المدينة، مات سنة سبع وعشرين، قال: سألتُ سعيد بن المسيب بن حزن، يُكنى أبا محمد، تابعي كان من الطبقة الأولى من أهل المدينة، قال سعيد بن المسيب، رحمه الله: ما بقي أحد أعلم بقضاء قضاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر وعثمان مني، وما كان إنسانًا يجترئ عليه يسأله عن شيء حتى يستأذن كما يستأذن الأمير، سأله رجل، وهو مريض عن حديث، وكان مضطجعًا فجلس فحدثه فقال له الرجل: وددت أنك لم تتغن فقال: إني كرهت أن أحدثك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا مضطجع، وقال:"لا تملؤوا أعينكم من أعوان الظلمة إلا (ق ٣٥٢) بإنكار قلوبكم لكي لا تحبط أعمالكم الصالحة"، وكان يسرد الصوم، وعن بريدة مولاه قال: ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد بن المسيب في المسجد، وصلى الغداة بوضوء العشاء خمسين سنة، قال: ما أكرم العباد أنفسهم بمثل طاعة، ولا أهانها بمثل معصية، وكفى بالمؤمن نصرة من الله تعالى أن يرد عدوه، يعمل بمعصية الله تعالى، وقال: من استغنى بالله افتقر إليه الناس، كذا قاله أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي في (طبقاته)(١).
عن صدقة البَرَاذِينِ، أي: زكاة أفراس العجم، فقال: أَوَ في الخيل: أي: جنس الخيول صدقة، والاستفهام للإِنكار لما للاستعلام لما كانت له فيما روى أو في الوضوء سرف يا رسول الله؟ قال:"نعم، ولو كنت في شط نهر"، والواو عطف على العبد المقدر، تقديره ليس في العبد للخدمة للمسلم صدقة، ولا في الخيل صدقة، والهمزة الاستفهامية هنا مقحمة، أي: زائدة بين المعطوف والمعطوف عليه يزيد الإِنكار المستفاد من فحوى الكلام، كما قاله الشيخ زادة في حاشية تفسير قوله تعالى في سورة الزخرف:{أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ}[الزخرف: ١٨]، وكما يؤيده الحديث الآتي عن أبي هريرة رضي الله عنه، فالمراد بالخيل خيل الغزاة أو خيول لم تبلغ نصابًا، ونصاب الخيل خمسة، فإذا كانت أقل من خمسة لا تجر الزكاة، كذا قاله أبو جعفر الطحاوي، أو المراد بها التي لم تكن سائمة، أي: مكتفية بالرعي في أكثر الحول.