للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسخة أخرى: أنا، رمزًا إلى أخبرنا، حدثنا وفي نسخة: قال: بنا، رمزًا إلى أخبرنا زيد بن أسْلَم، العدوي، مولى عمر بن الخطاب، ويُكنى أبا عبد الله، وأبا أسامة المدني، ثقة عالم، وكان يرسل، وكان من الطبقة الثالثة، مات سنة ست وثلاثين، كذا في (التقريب) (١) لابن حجر، عن عَطاء بالقصر ابن يَسَار، من التابعين، ومن الطبقة الثانية من أهل المدينة، مات سنة أربع وتسعين، هذا الحديث كان مرسلًا وقد وصله أبو داود وابن ماجه والحاكم من طريق معمر، عن زيد بن أسلم، عن عطاء، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تحلُ الصدقة لغني أي: صاحب نصاب لقوله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ...} [التوبة: ٦٠]، وكلمة إنما للحصر في الحكم؛ لأن كلمة أن للنفي، وما كذلك، وإذا دخلت النفي على نفي يفيد الإثبات والحصر، فيقتضي قصر جنس الصدقات على الأصناف المصروفة، وأنها مختصة بها لا تتجاوز عنها إلى غيرها، كأنه قيل: إنما هي لهم لا لغيرهم، إلا لخمسة، فتحل لهم لصفة أخرى، وهو: الفقراء، والعمل على الصدقات وغيرهما، لغازٍ في سبيل الله، لقوله تعالى: {وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ} وفي معناه منقطع الحاج، وابن السبيل، وهو المسافر الفقير الذي له مال في بلده لا معه، ولا يقدر عليه في الحال فجاز له الأخذ من الزكاة قدر حاجته، ولا يحل له أن تأخذها أكثر (ق ٣٦٢) من قدر حاجته فالحق به كل من غاب عن ماله وإن كان بلده. كذا في (الدرر)، أو لعاملٍ عليها، أي: لعامل الصدقة، لقوله تعالى: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} والمراد بعامل الصدقة: من يبعثه الإِمام لجمعها، فتعطى الصدقة، بقدر كفايته ولو غنيًا، وبقدر كفاية أعوانه في الوسط مدة ذهابهم وإيابهم ما دام الحال باقيًا ولو هلك ما جمعه لا يستحق، أما استحقاقه فلأنه فرغ نفسه لعمل من أمور المسلمين فيستحق على ذلك رزقًا كالقضاة، أما لو استغرق كفاية العامل الزكاة فلا تزاد الكفاية على نصف الزكاة المجموعة لا التنصيف عين للإِنصاف، ولهذا يجب على الإِمام من يكتفي بالوسط في المركب والمأكل والمشرب والملبس والخدم من غير تقليل وتكثير بل يكون بين ذلك قوامًا، أو لغارمٍ، أي: المديون استغرق دينه ماله، بحيث لا يفضل نصاب له، قال صاحب (الدرر): والمراد بالغارم في الآية من كان له مال على الناس لا يمكنه أخذه، انتهى.


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>