للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي (الفتاوى الظهرية) للمرغيناني: دفع الصدقة إلى من عليه دين أولى من الدفع إلى فقير لا دين عليه، انتهى، وقال الشافعي: الغارم أيضًا من يحمل غرامة لإِصلاح ذات البين، وإطفاء العداوة بين الحيين، أو لرجُلٍ أي: غني اشتراها أي: الصدقة بماله، من الفقير الذي أخذها، أو لرجلٍ أي: غني له جارٌ مسكين، أي: فقير، تُصُدِّقَ على المسكين بصيغة المجهول، فأهْدَى أي: الفقير تلك الصدقة إلى الغنيّ، وهو جاره، أو غيره، فتحل له؛ لأن الصدقة قد بلغت محلها فيه، وفيها قبله، وله جار خرج على جهة التمثيل فلا مفهوم له، فالمراد على أهدى الصدقة التي ملكها المسكين لجار أو لغيره، ويأتي في حديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جاء يوم إلى بيت عائشة رضي الله عنها ورأى برمة يطبخ فيها لحم، فقال: "يا عائشة، ما هذه البرمة؟ " فقالت: هذه صدقة لبريرة، وهي جارية لعائشة، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "هي صدقة لها، وهدية لنا نأكل منها".

اعلم أن ما يجتمع فى بيت المال من الأموال أربعة أنواع:

الأول: زكاة السوائم والعشور ومال أخذه العاشر من التجار، ومصرفه ما بيَّن الله تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ..} [التوبة: ٦٠].

والثاني: ما أُخِذَ من خُمس الغنائم والمعادن والركاز، ومصرفه الأصناف التي ذكرها الله تعالى في سورة الأنفال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [الأنفال: ٤١]، فسهم الله، وسهم الرسول واحد، وإنما ذكر تبركًا واستفتاحًا للكلام وإظهارًا لفضيلة، هذا المال، وسهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - سقط بموته، وسهم ذوي القربى ساقط عندنا، وهم قرابة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيصرف اليوم إلى ثلاثة أصناف: اليتامى، والمساكين، وابن السبيل، وعند الشافعي سهم ذوي القربى ثابت.

والثالث: الخراج الجزية وما أُخذ من المستأمن (ق ٣٦٣) وأهل الذمة عند مرورهم على العاشر وغيرهم، ومصرفها عمارة الرباط والقناطير والجسور وسد الثغور، وشق الأنهار العظام، كجيحون والفرات ودجلة، ويصرف إلى أرزاق القضاه والولاة والمفتين والمحتسبين والحفاظ والمفسرين والمعلمين وأرزاق المقاتلة، ويصرف إلى من رصد الطريق في دار الأسواق، وحاصله أن هذا النوع من المال يصرف إلى عمارة الدين وصلاح دار الإِسلام والمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>