للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤدى قبل أوانه وهو حرام. هذا خلاصة ما قاله ابن مالك في (شرح المنار) حتى تَرَوُا الهلال، أي: هلال رمضان، والمراد به رؤية بعض المسلمين لا كل الناس، وظاهره إيجاب الصوم متى وجدت الرؤية ليلًا أو نهارًا لكنه محمول على صوم اليوم المستقبل، وفرق بعض العلماء بين ما قبل الزوال وما بعده، وخالف الشيعة الإِجماع فأوجبوه مطلقًا، وظاهره أيضًا النهي عن ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغيم وغيرها.

وقال سعيد بن زيد الباجي المالكي: مقتضاه منع صوم آخر شعبان يريد علي معنى التلقي لرمضان أو الاحتياط، وأما نقلًا فيجوز.

قال ابن عبد البر: عند مالك والجمهور واستحب ابن عباس وجماعة الفصل بين شعبان ورمضان بفطر يوم أو يومين أو أيام كما استحبوا الفصل بين صلاة الفريضة والنافلة بكلام أو مشي أو تقدم أو تأخر من المكان. كذا قاله الزرقاني، وإذا كان في السماء علة من غيم أو غبار أو دخان أو ذباب قبل القاضي بمجلسه خبر واحد عدل أو خبر مستور الحال لم يظهر فسقه في ثبوت رمضان في القول الصحيح، ولا يشترط لفظة الشهادة ولا تقدم الدعوى لإِثبات رمضان كذا قاله الشرنبلالي في (نور الإِيضاح) وغيره من الحنفية ولا تُفْطروا أي: من صومكم لقصد عيد الفطر حتى تَرَوْهُ، أي: هلال الشوال وكلمة "حتى" تدلَ على أن ما بعدها غاية لما قبلها سواء كان جزاءً منه كما في أكلت السمكة حتى رأسها، أو غير جزء كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] وعلامة الغاية بوجود المعنيين أحدهما أن يكون ما قبل حتى قابلًا للامتداد، والآخر أن يكون ما بعد حتى دليلا صالحًا لانتهاء ما قبلها. كذا قاله عبد الرحمن بن مالك في (شرح المنار).

وليس المراد بالرؤية رؤية جميع الناس يحتاج كل فرد إلى رؤيته بل المعتبر رؤية بعضهم وهو العدد الذي يثبت به الحقوق وهو عدلان فلا يثبت رمضان بعدل واحد عند مالك وأحمد خلافًا لأبي حنيفة والشافعي، فإنه يثبت بعدل واحد لحديث ابن عباس في (السنن) قال: جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني رأيت الهلال فقال: "أتشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله؟ " قال: نعم قال: "يا بلال أذن في الناس أن يصوموا غدًا" (١).


(١) أخرجه: أبو داود (٢٣٤٠)، والترمذي (٦٩١)، وأحمد (١٩٤)، والدارمي (١٦٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>