للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢ - أخبرنا مالك، أخبرني ابن شهاب الزهري، عن سالم بن عبد الله عن أبيه، أنَّه كان يغتسلُ ثم يتوضأُ، فقال له: أمَا يُجْزِيكَ الغُسْلُ من الوضوءِ؟ قال: بلى، ولكني أحيانًا أمَسُّ ذكري فأتوضأُ.

قال محمد: لا وُضوء في مس الذكر، وهو قولُ أبي حنيفة وفي ذلك آثار كثيرة.

• أخبرنا مالك، قال: أخبرنا، أي: وحدي (ق ٢٨) ابن شهاب أي: الزهري، عن سالم بن عبد الله هو القرشي العدوي المدني أحد فقهاء المدينة، من سادات التابعين وعلمائهم وثقاتهم، مات بالمدينة سنة ست ومائة، عن أبيه، أي: عبد الله بن عمر بن الخطاب، شهد الخندق وما بعدها من المشاهد، وكان من أهل العلم والورع والزهد.

قال جابر بن عبد الله: ما منا أحد إلا مالت به الدنيا ومال بها، إلا عمر وابنه عبد الله.

وقال نافع: ما مات ابن عمر إلا وقد عتق ألف إنسان أو زاد، روى عنه خلق كثير، أنَّه أي: عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، كان يغتسلُ ثم يتوضأُ، فقال له: أي: سالم له، أي: لابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أمَا يَجْزِيكَ بفتح الياء التحتية وسكون الجيم والزاي المعجمة والياء بعدها كاف الخطاب، أي: ليس يكفيك الغُسْلُ من الوضوءِ؟ لا سيما مع سبق الوضوء الذي هو السنة كلمة أمَا مركبة من الكلمتين: أولهما الهمزة المفتوحة الاستفهامية التقريرية، وأخريهما ما المخففة النافية بمعنى حقًا؛ لأن الهمزة في الأصل للإِنكار، فإن دخلت على ما النافية تكون للإِثبات والهمزة تقريرية، وهو، أي: التقرير حمل المخاطب على الإِقرار، فالمعنى: قد كفاك الغسل من الوضوء، ويؤيد هذا المعنى بقوله: قال: بلى، أي يكفني، فكلمة بلى حرف جواب تختص بالنفي، وتفيد إبقائه كان مجردًا نحو: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى} [التغابن: ٧]، أو مقرونًا بِالاستفهام حقيقيًا كان نحو: أليس زيدٌ قائمًا؟ فتقول: بلى، أو تقريريًا نحو: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: ١٧٢]،


(١٢) صحيح، أخرجه: مالك (٩٢)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>