للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجرى النفي مع التقرير مجرى النفي المجرد في رده ببلى.

ولذلك قال جماعة من الفقهاء: لو قال لآخر: أليس عليك ألف درهم؟ فقال: بلى، لزمته، ولو قال: نعم، لم تلزمه كما قال ابن هشام في (مغني اللبيب)، ووجه الاستفهام: أن سالمًا توهم بأن الغسل ما يكفي عن الوضوء، وسأل أباه عن قيام الغسل مقام الوضوء، وأجابه أبوه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، بقوله: بلى، ورفع عبد الله بن عمر عن ابنه سالم وهمه، كأن ابنه توهم عن أبيه الفعل العبث مع أنه يعلم الغسل يكفي من الوضوء، فرفع هذا الوهم عن ابنه على وجه الجواب الاستدراكي، بقوله: ولكني أحيانًا بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة، والياء بعدها ألف، والنون بعدها ألف جمع حين، والتنوين للتقليل، أي: ولكني في زمن من بعض الأزمنة أمَسُّ بفتح الهمزة، وضم الميم وتشديد السين، مضارع متكلم وحدة ذكري كلمة لكي بفتح اللام الممدودة والكاف المكسورة وبعدها ياء متكلم حرف تنصب الاسم وترفع الخبر، ومعناها الاستدراك، وهي في اللغة طلب تدارك السامع، وفي الاصطلاح رفع توهم تولد عن الكلام سابق، كما قاله السيد الشريف.

وقال ابن هشام في (مغني اللبيب): الاستدراك، وهو يفسر بأن ينسب لما بعدها حكمًا مخالفًا بحكم ما قبلها، وكذلك لا بد أن يتقدمها كلام مناقضٌ لما بعدها نحو: ما هذا ساكنًا لكنه، متحرك فأتوضأُ، أي: لذلك المسمى لا؛ لأن الغسل لا يجزي عنه.

قال الباجي: إنما سأل سالم أباه؛ لأنه رآه توضأ ثم غسل، افتتحه بالوضوء، ولا يصح أن ينكر عليه الوضوء مع الغسل لاستحباب الوضوء بعده.

قال محمد: لا وُضوء، أي: لا يلزم الوضوء في مس الذكر، أي: على أي وجه كان، وهو قولُ أبي (ق ٢٩) حنيفة، رحمه الله، خلافًا للشافعي، فإنه يقول: ينقض الوضوء بالمس بباطن الكف دون ظاهره، من غير حائل، سواء كان بشهوة أو بغيرها، وهو المشهور عن أحمد. والراجح من مذهب مالك أنه إن مس بشهوة وإلا فلا، ويقوي أدلتهم: ما رواه مالك وأحمد والأربعة، والحاكم عن بسرة بنت صفوان مرفوعًا: "مَنْ مَسَّ ذكره فليتوضأ" (١).


(١) أخرجه: أبو داود (١٨١)، والترمذي (٨٢)، والنسائي (٤٤٥)، وأحمد (٢٥٦٥١)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>