للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقدر بل على الأمر فلهذا عقب وقال - صلى الله عليه وسلم -: "والله أي: مبالغة في القضية إني لأرجو بلام التأكيد للقسم ورجاءه أي: لا طمع وهو بمنزلة الاستثناء واقتداء بقول إبراهيم عليه السلام: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: ٨٢] أن أكون أخشاكم لله أي: أخوفك له بحسب الباطن وأعلمكم بما أَتَّقِي" أي: بما يجب أن أتقي منه من فعل أو ترك أو قول أو عدمه مما يتعلق بالظاهر، وحاصله أن غفران (ق ٣٧٥) ذنبي من فضل ربي، لا يمنعني أن كونه أخشاكم له ومن خشيتي أني أعلمكم بما أجتنب وأنتم لا تعلمون أحكام ربي فلا بد لكم من الاقتداء بي في أفعالي وأقوالي إلا ما خُص لي بدليل من أحوالي؛ لعموم قوله تعالى في سورة آل عمران: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: ٣١].

* * *

٣٥١ - أخبرنا مالك، حدثنا سُمَيّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن، أنه سمع أبا بكر بن عبد الرحمن يقول: كنتُ أنا وأبي عند مروان بن الحَكَم وهو أمير المدينة؛ فَذُكِرَ أن أبا هريرة قال: من أصبح جُنُبًا أفْطَرَ، فقال مروان: أقسمْتُ عليك يا أبا عبد الرحمن لتذهبنّ إلى أُمي المؤمنين: عائشة، وأُمِّ سلمة، فَسَلْهُمَا عن ذلك، قال: فذهب عبد الرحمن، وذهبتُ معه، حتى دخلنا على عائشة فسلَّمنا عليها، ثم قال عبد الرحمن: يا أمَّ المؤمنين، كنا عند مروان بن الحكم آنفًا، فذُكِرَ أن أبا هريرة يقول: من أصبح جُنُبًا أفطر ذلك اليوم، قالت: ليس كما قال أبو هريرة يا عبد الرحمن، أترغب عما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع، قال: لا والله، قالت: فَأشهدُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يُصبح جُنُبًا من جماع غير احتلام، ثم يصوم ذلك اليوم.

قال: ثم خرجنا حتى دخلنا على أم سلمة، فسألهَا عن ذلك فقالت كما قالت عائشة.


(٣٥١) صحيح أخرجه: أحمد (٢٥٥٥١)، ومالك (٦٢٩)، والنسائي في الكبرى (٢٩٤٧)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٣٨٤)، حديث (٩١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>